عادت إلى مائة، فردها هزيلة، فإنه يرد معها ألفاً وثمانمائةٍ، وإن تلفت غرِم ألفاً وتسعمائة.

ولو فرضنا مثلَ ما ذكرناه في الصنعة وطريان نسيانها وعَوْدها، فقد رتب الأئمة ذلك على عود السمن، وجعلوا عودَ الصنعة أولى بالجبران؛ فإن السمن زيادةٌ في الجسم محسوسة، فإذا تكررت كانت متعددة، والصنعة إذا نسيها العبد، ثم تذكرها عُدَّ ما تخلل كالغفلة، والنوم، والذهول، ولا يعُد أهلُ العرف تذكرَ الصنعة شيئاً متجدداً.

4577 - ثم كل ما ذكرناه من العود والزوال جارٍ في اتحاد الجنس، فلو اختلف الجنس، لم يختلف المذهب في أنه لا جبران، وبيانه أنه لو كان سميناً، وقيمته لأجل السمن ألف، فهُزِل وصار يساوي مائة، فتعلم صنعةً بلَّغت قيمتَه ألفاً، ورده صانعاً هزيلاً؛ فإنه يغرم نقصان الهزال، وهو تسعمائة. وكذلك لو فرضنا صنعتين مختلفتين، فلا تجبر إحداهما الأخرى أصلاً.

4578 - وذكر الأئمة في ذلك صوراً تهذب ما ذكرناه، فقالوا: لو غصب نُقرةً، فصاغ منها حلياً، ثم كسره وصاغه ثانياً، نُظر، فإن صاغه على هيئةٍ أخرى سوى الهيئة الأولى، فلا جبران. وإن أعاده إلى الهيئة الأولى، ففي الجبران وجهان: قال صاحبُ التلخيص: من غصب من جوهر الزجاج ما قيمته درهم، ثم إن الغاصب اتخذ منه قدحاً يساوي عشرة، ثم انكسر في يده، وكان مكسوراً يساوي درهماً، فيرد الزجاج مكسوراً، ويرد تسعةَ دراهم؛ فإن تلك الزيادة قد حدثت في يده، وتعلق الضمان بها، وإن حصلت بفعله. ولو أعاد (?) ذلك الزجاج المكسّر قدحاً، فإن كان على هيئة القدح الأوَّل، فهو على الوجهين، وإن أعاده إناء آخر، فلا جبران.

ومن أحكم هذه الأصول التي مهدناها، لم يخف عليه هذه التفاريع.

فرع:

4579 - إذا غصب عصيراً، فاستحال في يده خمراً، فجاء المغصوب منه مطالباً (?)، غرّمه مثلَ العصير؛ فإن الخمر التي صادفها ليست مالاً. ولو انقلبت الخمر في يد الغاصب خلاً، فقد ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أنه يرد الخل على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015