النقص، ويلزمه رد المغصوب ناقصاً مجبوراً [بالأرشِ] (?) المغروم، ولا فرق بين أن يتفاحش النقص، وبين أن يقل. وأبو حنيفة لم يرع هذا الأصل، وأعرض عنه في مسائل خلطَها، وتخبط فيها، ونحن نأتي بها، ونخرجها على أصلنا، ونبين مذهب أبي حنيفة فيها، وننبه على مأخذه. والغرضُ بذكر ذلك من مذهبه وضوحُ تميز أصلنا عن أصله.
فإذا غصب الرجل عبداً، وقطع يديه، وفرعنا على أن جراح العبد من قيمته كجراح الحر من ديته، وأوجبنا القيمة الكاملة، فيجب على الغاصب الجاني بذلُ القيمة، وردُّ العبد المجني عليه على مالكه. وأبو حنيفة (?) يزعم أنه إذا غرِم القيمةَ، ملك العبد المجني عليه، وطرد هذا الأصل في كل جنايةٍ أرْشُها كمال القيمة، وادّعى أن الواجب عند قطع اليدين قيمةُ العبد، لا أرشُ اليدين، ثم ادعى استحالةَ اجتماع القيمة والمقوّم المجني عليه في ملك المغصوب منه، ووافق أن الغاصب لو قطع إحدى اليدين، والتزم نصف القيمة، لم يملك من العبد شيئاًً.
ونحن نقول: الواجب في اليدين -وإن بلغ مقدارَ القيمة- أرشُ اليدين لا قيمةُ الرقبة. فهذا نوع من التغايير التي تلحق المغصوب.
ولو غصب رجل ثوباً، وخرَّقه خِرقاً، ومزقه مِزقاً، فأصلنا أنه يغرَم ما نقص، ويرد الخِرق، وإن صارت سلكاً سلكاً. وأبو حنيفة يقول في هذا النوع: إذا أحدث الغاصب تغيراً يبطل به معظمُ منفعة المغصوب؛ فإنّه يغرَم القيمة، ويملك ذلك المغصوب المغيّر (?)، وبنى عليه مسائلَ، منها: أنه لو غصب عمامةً وشقها طولاً، فإنه يغرَم قيمتها صحيحة، ويملك المنديل المشقوق، ولو شقه عرضاً ردّه، وردَّ أرش النقص.
ولو غصب شاة، وذبحها، لم يملكها، ولو شوى اللحمَ، أو طبخه غرِم قيمةَ الشاة، وملك اللحم المشويَّ. وقال: لو غصب ثوباً، وصبغه بصبغٍ (?) يقتل صبغاً