قيمةُ مكانِ الإتلاف. وهذا سببُ ردِّه إلى القيمة. ولو كنا نرعى قيمة مكان المطالبة، لكنّا نوجب المثل في مكان المطالبة، ولكان ذلك أقربَ من إيجاب القيمة. ثم في اعتبار قيمة مكان الإتلاف ما قدمناه من التفصيل.
4556 - وذكر الشيخ أبو علي في اختلاف الأمكنة طريقةً في ذواتِ الأمثال، فقال:
ما ذكره الشافعي والأصحاب من أن المتلف عليه إذا ظفر بمتلِف المثل في غير مكان الإتلاف، لا يغرمه المثل، وإنما يغرمه قيمة مكان الإتلاف، [فذلك مفروض فيما إذا كانت قيمة مكان الإتلاف أكبر، فلنفرض] (?) فيه إذا كانت قيمة المكان الذي ظفر به صاحبُ الحق بالمتلِف فيه (?) أكثر من قيمة مكان الإتلاف، فعند ذلك قال الشافعي ما قال، فأما إذا استوت القيمتان، ولم يتفاوت السعر، أو كانت قيمة المثل في المكان الذي وقع الظفر فيه بالمتلِف أقل، فيلزمه المثل في هذه الصورة. وهذه الطريقة ادعاها الشيخ أبو علي للأصحاب، ولم يردد فيها قولاً.
والذي ذكره الأئمة في الطرق إطلاق القول بأن المثل لا يطلب في غير مكان الإتلاف من غير تعرض للتفصيل، ولو كان الحكم مفصلاً عندهم كما ذكر الشيخ، لفصلوه؛ فإن التفصيل في مثل ذلك ليس ممَّا يعزب عنه نظر الناظر على ظهوره.
وذلك التفصيل هو معتمد الفصل عند الشيخ.
فقد حصلنا على مسلكين، وثالثٍ بعدهما: المسلك الظاهر المنصوص عليه إطلاقُ القول بأن المثل لا يُطلب في غير مكان الإتلاف من غير نظر في التفاصيل.
والمسلك الثاني أنا نفصل كما ذكر الشيخ وقطع به.
ثم ما ذكره الشيخ لا يخلص من إشكال الزمان، وقد ذكرنا أن تفاوت القيمة إذا رجع إلى الزمان، لم يُعتبر وفاقاً، سواء تفاوتت القيمة أو استوت. وحكينا عن شيخنا إيجاب المثل مع اختلاف الأمكنة، من غير تفصيل. وهذا منقاسٌ، لكني لست أثق به؛ فإني لم أره في شيء من الطرق، وسبيلي فيما أنفرد بنقله إذا لم أجده في عين (?)