من المنافع، لم تصح العارية، ولم يملك من تصدّى للاستعارة الانتفاعَ بوجهٍ من الوجوه، فلا بد إذاً من ذكر نوعٍ من المنفعة.
والسببُ فيه أن الإعارة معونةٌ شرعية، نزلت على قدر حاجة المستعير، فلتُفرض على حسب الحاجة، ولا حاجةَ تمس إلى الإعارة المرسلة، ولم يَجْرِ بها عرفٌ بين المستعير والمعير. هذا الذي ذكرناه هو الظاهر.
ومن أصحابنا (?) من قال: تصح الإعارة المرسلة، والمستعير ينتفع على أي وجه شاء.
ولو قال المالك: أعرتك هذه الأرضَ، فافعل بها ما بدا لك، ففي هذه الصُّورة وجهان عند من لا يصحح الإعارة المرسلة.
وإن بيّن نوعاً من المنفعة، ولم يفصله، صحت الإعارة في ظاهر المذهب، مثل أن يقول: أعرتكها لتزرع فيها، أو قال لتغرس، أو تبني، فظاهر المذهب صحّة الإعارة، وإن لم يفصل الزروع وعلمنا تفاوت آثارها.
ومن أصحابنا من لم يصحح الإعارة؛ للتفاوت الظاهر البين في النوع الواحد.
4524 - وإن أذن له في نوع من الزرع وخصصه، لم يكن له أن يزرع زرعاً يزيد ضررُه على عين ما عيّن، مثل أن يعين المعيِّن زراعةَ الحنطة، فليس للمستعير أن يعيّن الذرة.
وكذلك لو عين الشعير، لم يزرع الحنطة؛ فإن ضرر الحنطة أظهرُ وأكثر من ضرر الشعير.
وهي فيما قيل تنتشر عروقها أكثر من انتشار عروق الشعير، وتجتذب قوة الأرض.
وإذا عين المعير زرعاً، فللمستعير أن يزرع ما هو أقل ضرراً (?) منه، والسبب فيه أن مقصود المعير بالتعيين المنعُ عما يزيد ضرره، فإذا كان الضرر فيما جاء به المستعير أقلَّ، عُدَّ في العرف موافقاً للمعير المالك. وهذا بمثابة ما لو قال لوكيله: اشتر لي هذا العبد بألف درهم، فلو اشتراه بخمسمائةٍ، كان موافقاً. ولو اشتراه بأكثرَ من ألفٍ، كان مخالفاً.