4513 - فأما إذا كانت العين باقيةً، ولم يمض من وقت التعامل، أو التقاول بين المالك وبين المنتفع، وأَخْذه العينَ زمانٌ به مبالاة، ولمثله أجرة، فقد قال العراقيون والقاضي: نقطع القول في هذه الصورة بأن (?) الراكب يحلف على نفي الإجارة، وتردّ الدابة، ولا ينقدح في هذه الصورة اختلافُ القول بأن المالك يدّعي إجارةً، والراكب ينفيها، ويذكر الإعارة، فالقول قوله في نفي الإجارة مع يمينه. فإن حلف ردّ العين؛ فإن إنكار المالك للإعارة نقضٌ لها إن كانت، فليس إلا ردّ العين.
وإن نكل المنتفع عن اليمين رَدَدْنا اليمين على المالك، فإن حلف يمين الرد، استحق الأجرة، وسلم الدابة إلى الراكب. فإن قيل: لِمَ لَمْ تجعلوا المسألة على قولين في هذه الصورة، في أن القول قول المالك أو قول الراكب، كما ذكرتموه في الصورة الأولى، وهي إذا مضت المدة؟ قلنا: إذا لم تمض المدة، فالمدعي على الحقيقة المالكُ، والمنتفع ليس يدعي لنفسه حقاً، فلا معنى لتخيل الخلاف في هذه الصورة. وسبب اختلاف القول في الصورة الأولى، أن المنافع تلِفت تحت يد الراكب، وعسر علينا إحباطها، فأعضلت الخصومة وجرّت تردداً، أما هاهنا، فلا المنتفع يدعي لنفسه حقاً، ولا المنافع تلفت على المالك.
والذي يُشْكِل في هذا الطرف أنا على طريقة العراقيين في صورة القولين، إذا جعلنا القول قولَ المالك، نحلِّفه ابتداء على إثبات الأجرة، ونقول في قول: إنه يستحق الأجرة المسماة: فكان لا يمتنع على هذه الطريقة أن يصدق المالك مع يمينه في إثبات الإجارة؛ تفريعاً على تصديق المالك.
وهذا ليس بشيء؛ فإن قول تصديق المالك، إنما جرّه ضرورةُ فوات المنفعة، فإذا لم يتفق هذا، فليس إلا الرجوع إلى القانون في أن المالك يدعي إجارةً، وراكب الدابة ينفيها. فالقول قول النافي مع يمينه، فإذاً لا وجه إلا القطعُ بما ذكره العراقيون والقاضي.
وكل ما ذكرناه تفريع فيه إذا كانت العين قائمة.