فإذن نقول: يقرع بينهم على طريقة الأصحاب في موافقة المزني في عتق الأصغر، فإن خرجت القرعة على الأصغر، رَقَّ الأوسط والأكبر، وإن خرجت قرعة الحرية على الأكبر، عَتَق الأولاد الثلاثة، وإن خرجت قرعة الحريّة للأوسط، عَتَق، وعَتق الأصغر، ورَق الأكبر. وإن خرجت القرعة للأصغر، حكم بحريته ورَق الأكبر والأوسط.
ومن أصحابنا من قال: يخرج الأصغر من القرعة، ويقرع بين الأكبر والأوسط.
وهذا غير صحيح؛ فإنا إنما نقرع بين عدد نستيقن فيهم حراً. وإذا كنّا نجوز حصول الاستيلاد بالأصغر ونُرِق الأوسط والأكبر، فلا وجه للإقراع على هذا الوجه.
وهذا الفصل لا يحتمِلُ تحقيق القول في كيفيّة الإقراع، فالوجه أن نحيل استقصاءه على باب القرعة.
أما نصّ الشافعي، فإنه مصرحٌ بإدخال الثلاثة في القرعة، وظاهر النص أنا لا نعيّن الأصغر للحريّة أيضاً. وهذا هو الذي أحوج الأصحاب إلى فرض الصورة النادرة التي ذكرناها في المرهونة.
ومما يتعيَّن التنبيه له من كلام الشافعي والمزني؛ أن الشافعي لمَّا أقرع بينهم، قال: من خرجت له قرعةُ الحرية عَتَق، ولم يثبت نسبٌ ولا ميراثٌ، وفرض الشافعي مع هؤلاء الثلاثة ابناً معروف النسب للمتوفى، واقتضى كلامه صرفَ الميراث إليه، فقال المزني: يتعين أن نقف شيئاًً من الميراث للأولاد الثلاثة؛ فإن فيهم نسيباً بحكم إقرار المتوفَّى. وقد رأينا كلاماً للأصحاب في أنا هل نقفُ الميراث مع إشكال النسب، والأقيس أن نقف كما ذكرناه في إبهام طلقةٍ بين امرأتين، فنصُّ الشافعي لا يخرج إلا على هذا الوجه الضعيف في أنَّا لا نقف الميراث إذا استبهم النسب، وكان لا يتميز. وهذا مشكل كما ذكره المزني.
4490 - ثم ذكر المزني الصحيح عنده ولم يبده مذهباً لنفسه، بل ألحقه بمذهب الشافعي، فإنه قال: قياس مذهب الشافعي كذا وكذا. وفيما أبداه المزني إشكال أيضاً، فإنه قال: الابن الصغير حر قطعاً، وحكم له بالميراث، ثم قال: يصرف ربع الميراث إلى الابن المعروف، وربعه إلى الأصغر من البنين الثلاثة، ونقف النصفَ بين الأكبر والأوسط، وبين المعروف والأصغر.