والمنكر (?) ممتنع عن القسمة، فإذا كان كذلك، فالجوابُ ما ذكرناه عن ابن أبي ليلى.
فأما إذا جرت القسمة بين المقر والمنكر طوعاً، فقد كانت يدهما ثابتة على الجميع ثبوتاً سائغاً، فلما اقتسما، فقد رفع المقر يده عن نصفِ حصّةِ الثالث، وسلمه، وترك المنكر على المقر مثلَ ذلك، وإذا انتسب المقر إلى تسليم نصف حصّة [الثالث] (?) إلى المنكر، كان معتدياً فيه، فيلزمه أن يغرَم ما حصل في يد صاحبه، كما يغرم ما حصل في يده من الزيادة. وهذا يظهر إذا جرت القسمةُ طوعاً، والمقر عَالمٌ بأن معهما ثالثاً مستحقاً، فيخرج من ذلك أنهما إذا كانا ابنين، فاقتسما التركة طوعاً نصفين، مع علم المقر، فيغرَم للمقَر له من حصّة نفسه. وحصةُ المقَرّ له الئلث، فيغرم له الثلثَ من نصفه، لتفريطه.
هذا إذا طاوع في القسمة، وكان عالماً باستحقاق الثالث.
فأما إذا قاسم أخاه طائعاً، ولكن لم يكن عالماً بعدُ بنسب الثالث، ثم بعد القسمة أحاط علمُه بذلك، قال صاحب التقريب: في المسألة وجهان في هذه الصورة: أحدهما - أنه يغرَم للمقر له ما كان يغرمه لو كان مجبراً على القسمة، لأنه لم يكن مقصراً عند إقدامه على القسمة، وكان حكم الله في ظاهر الحال ما أجراه. فكان كما لو جرت القسمة قهراً.
والوجه الثاني - أنه يلزمه في هذه الحالة ما كان يلزمه لو أقدم على القسمة مع العلم؛ فإنا لا نفصل بين العلم والجهل فيما يليق (?) بالغُرْم أصلاً. وإنما نفصل بينهما فيما يرجع إلى المأثم.
هذا منتهى نقل صاحب التقريب وتصرفه.