أصحاب أبي حنيفة إلى أن النسب لا يثبت، ويثبت استحقاق المال. وذهب المتأخرون إلى أن النسب يثبت في خبطٍ لهم، لست له الآن ذاكراً. وإنما أشرنا إلى مذهب أبي حنيفة لغرضٍ لنا سنجريه في أثناء الكلام، إن شاء الله عز وجلّ.

ثم الذي اعتمده أثمة المذهب في الذب عن المذهب: أن الميراث لا يستحق فيما نحن فيه إلا بالنسب، والنسب غير ثابت؛ فإن المعترف به ليس مستلحِقاً في حق نفسه، وإنما يُلحِق النسبَ بغيره، وليس حالاًّ محله على معنى حيازة ما خلفه، فإذا لم يثبت النسب وهو أصل الميراث، لم يثبت الفرع الذي لا يتخيل ثبوته دون ثبوت الأصل. هذا معتمد قدماء المذهب.

ثم نوجّه عليه أسئلةً من الخصم تتعلق بمسائل مذهبيةٍ. [و] (?) لم أذكر عمدة المذهب إلا [لأفض] (?) عليها الأسئلة، وأذكر المسائل مجموعة.

4465 - فإن قيل: ما ذكره هؤلاء ينقضه ما لو قال المالك: بعت منك هذا الشقص، فأنكر الشراء، فللشفيع الشفعة، وأصل الشفعة الشراء؛ والشفعة في حكم الفرع له، ففيم ثبت الفرع دون ثبوت أصله؟ قلنا: هذا مختلف فيه، سنستقصيه في كتاب الشفعة.

فإن قيل: إذا قال الرجل: لفلان على فلان ألفُ درهم، وأنا به ضمين. فأنكر من قدّره أصيلاً أصلَ الدين، صدقه الشرع مع يمينه. فالمقر بالضّمان مطالَبٌ، وإن كان فرعاً لأصلٍ لم يثبت. وقد اختلف أصحابنا في هذه المسألة، فذهب بعضهم إلى أن الضّمان لا يثبت بناء على ما ذكرناه من انتفاء الفرع عند انتفاء الأصل. والأصح الذي ذهب إليه الجمهورُ ثبوتُ المالِ على المعترف بالضّمان. وسنذكر بعد إيرادِ المسائل ما فيه أدنى تخيل في إفادة الفصل بين مسائل الإلزام، وبين مسألة النسب والميراث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015