فإن بلغ وادّعى أنه ليس بابن له، ففي قبول قوله وجهان: أحدهما - لا يقبل (?)، لنفوذ الحكم بالنسب في الصغر، فنستديم الحكمَ المتقدم. والثاني - يقبل؛ لأنه لم يكن وقت الاستلحاق ذا قولٍ، وقد صار من أهل القول الآن، فيجب قبولُ قوله (?).
والذي يناظر ذلك أن من ادّعى على بالغٍ أنه رقيقُه، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه؛ فإن كان صغيراً، حكم له بالملك فيه، فإذا بلغ هل يُقبل قوله: إني حر الأصل؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يقبل؛ لتقدم الحكم بالرّق، فيجب استدامة الحكم السابق، والثاني - يقبل قوله مع يمينه، لأنه صار من أهل القول (?). وعلى الوجه الأول تُقبل دعواه، ولكن القول قولُ مولاه، مع يمينه.
وهذه المسائل تلتفت إلى أنّ اللقيط المحكومَ له بالإسلام بحكم الدّار إذا بلغ، وأعرب عن نفسه بالكفر، فنجعله مرتداً، أم يقدر كافراً أصلياً؟ قولان، سيأتي ذكرهما، وتوجيههما، وتفريعهما في كتاب اللقيط، إن شاء الله تعالى.
ولو مات صغيرٌ مجهولُ النسب، فاستلحقه إنسان، لحقه النسب، فإن طريق الاستلحاق لا يختلف بالحياة والموت، ولا التفات إلى قول من يقول: إنه متهم، وغرضه إحرازُ ميراثه؛ فإن مثل هذه التّهمة قد تتحقق في حال الحياة، إذا كان الصغير ذا ثروة ويسار، وكان مستلحقه فقيراً.
ولو كان الميت المجهول الحال بالغاً، فاستلحقه، ففي المسألة وجهان، ذكرهما العراقيون: أحدهما - أن النسب يلحق قياساً على الصغير الميت. والوجه الثاني - أنه لا يلحق نسبه، وهو الذي اختاره القاضي، ووجهه أنه يُنسب مستلحقه إلى أمرٍ ظاهرٍ يوجب رد قوله، وهو أن يقال له: "لَمْ تستلحقه حياً، مخافة أن ينكر، فيكونَ القولُ