من أصحابنا من قطع بأنه لا يغرم؛ إذ لم يوجد منه إلا النّكول، فلم يتعلق بمجرّده حُكم، وإنّما تعلّق باليمين المردودة، وهي [المقامة] (?) في هذه الطريقة مقام البينة، ومن أصحابنا من قال: في ضمان النَّاكل للأول قولان خارجان على ما لو أقر بعينٍ لفلان، ثم أقر بها لآخر.
وهذا خبطٌ عظيم، وتخليط مجاوز للحدّ. وقد يقتضي قُصاراه إلى إستحالةٍ، وخلطِ قول بقول. وسبب هذا أنّه تفريعٌ على وجهٍ باطل قطعاً، وهو إحلال يمين الرد محلَّ البينة في حق ثالثٍ، لا تعلق للخصومة به. فإن قيل: أليس وقعَ ذلك الوجهُ الضعيفُ مفرعاً على أن الناكل لا يغرَم القيمة لخصمه، الذي رُدت اليمين عليه، فلا يتفرع على هذا تردّدٌ في الغرامة للأوَّل؟ قلنا: ذاك الوجه الضعيف يجريه صاحبه على قول التغريم أيضاً في استرداد العين. وبالجملة لا خير فيه. فالوجه قطع الكلام فيه.
ولو قال المقِر المبهِمُ، لما طولب بالتعيين: "لا أعلم المالك منهما". إن صدقاه، فذاك؛ والعبد موقوف لهما. وإن كذباه، وادّعى كل واحد منهما أنه يعلم أن العبد له، فالقول قولُه مع يمينه: يحلف لكل واحدٍ منهما: "لا يعلمه له".
ولو قال: أحد هذين العبدين لك، طولب بالتعيين، ثم لا يخفى قُصَارَى المُطالبةِ والخصومةِ، فلا معنى للتطويل بذكره.
ولو مات قبل التعيين، قام الوارث مقامه في التعيين، والتهدُّفِ في الخصومة.
وسنذكر تحقيقَ هذا الفنّ على غَاية الإمكان في البيان، من كتاب النكاح، إذا زوج المرأةَ وليّانِ من رجلين، والتبس الحال، إن شاء الله تعالى.
فرع:
4459 - إذا أشار إلى عبد لرجلٍ، وقال: لهذا العبد عليَّ ألفُ درهم. قد جعل الأصحاب هذا إقراراً للسيد، وحملوا إضافة المقرِّ به إلى العبد على تأويل معاملته؛ فإنّه من أهل المعاملة.
ولو قال: لحمار فلان عليَّ ألفٌ، كان ذلك لغواً من الكلام مُطَّرحاً، لا يُلزم أمراً.