وإنما غلط في ذلك من غلط، لظنهم أن الاختلاف في الجهة يمنع الحلّ، حتى قال كثير منهم: الاختلاف في الجهة لا يبيح إن كان في الأبضاع، وإن كان في الأموال، فوجهان.
وإنما نشأ هذا الغلط من نص الشافعي أن من اشترى زوجته بشرط الخيار، لم يجز؛ لأنه لا يدري أيطأ زوجته أو مملوكته، وقد تصرف الأصحاب في النص، فقالوا: إن بقَّيْنا ملك البائع، جاز الوطء؛ لأنها زوجته، وإن نقلنا الملك إلى المشتري، فحِلّ الوطء وتحريمه على ما تقدّم في البيع إذا كان الخيار لهما أو لأحدهما. وإن وقفنا الملك، فهذه مسألة النص: من جهة أن النكاح ينفسخ بالملك الضعيف الذي لا يُبيح الوطء، فلو وطئها، لكان وطؤه مردداً بين أن يقع في زوجة يجوز وطؤها، أو في مملوكة لا يجوز وطؤها.
فرع:
4436 - نفقة الأولاد على المستولد عند الجمهور، كما لو قال لإنسان: بعتك أباك، فأنكر، فإنه يعتِق عليه، ويلزمه نفقته.
ونفقةُ المستولدة على المستولد إن أبحناها له، وإن حرّمناها، فلا نفقة عليه؛ لأن تحريمها كنشوزها، وهل تجب في كسبها، أو على مدعي البيع؟
فيه وجهان: أظهرهما - أنها عليه؛ لأنها كانت لازمة له، فلا تسقط عنه بدعواه، فإن أوجبناها في كسبها، فلم تكن وجبت في بيت المال، وإن ماتت في حياة المستولد، كانت مؤونة تجهيزها وتكفينها كنفقتها، فإن تركت كسباً، وُقف، فإن كان الثمن قد استوفي من المستولد، فله أن يأخذ من الكسب بقدره، وإن مات المستولد قبلها، عَتَقَت بموته، فإن ماتت بعده عن كسب، ورثه أقاربها، فإن لم يكن لها قريب، وقف كسبها، ويؤخذ منه قدر الثمن، إن كان قد ثبت بالبينة، وإن كان البائع لم يقبض الثمن، فله أخذه من الكسب؛ لأنه إن كُذِّب، فالكسب له، وإن صُدِّق، فقد ظفر بمال الظالم، وأبعد من منعه من الأخذ.