ومن قال: إنه يكون مضموناًً عليه، قال: إنا إنما نجعل القولَ قولَ المأمور؛ لأن الأصل بقاءُ طَلِبته على الآمر، وهو يدّعي انتفاءَه، فإذا آل الأمرُ إلى الغرامة، فالأصل أن ماله لا يكون أمانةً، إلا أن يُقرّ بها، ومن تلف في يده ملكُ غيره، فالأصل أن يكون مضموناًً عليه.
ولهذا نظائر، منها: أن المشتري والبائع إذا اختلفا في عيبٍ، فزعم المشتري أنه قديم، وزعم البائعُ أنه حادث، فالقول قول البائع، كما ذكرناه (?) في البيع. فإذا صدقناه، وحلفناه، وجرى القضاء به، ثم اختلف هو والمشتري في قدر الثمن، وتحالفا، وأوجب ذلك ترادّاً، فلو قال البائع: غرمُوا المشتري أرشَ العيب؛ فإنه ثبت بيميني أن العيب حادثٌ في يده، فلا يلزمه أرشُ العيب. وقد مهدنا ذلك في مواضِع.
وقد يتطرق إلى وجه إثباتِ الضّمان سؤالٌ: وهو أن الآمر معترف بأن ما قبضه المأمور ليس ملكاً للآمر، فلا يجري ما ذكرنا [في] (?) هذا الوجه، من أن الأصل أن ملك الغير مضمونٌ، ولكن يتجه أن نقول: قولُ الآمر يتضمن قبضاً على حُكم الضّمان، ولكنه ضمانُ مقابلةٍ، والتعويل على نفيه الأمانة (?)، والأصل عدمُها.
4265 - وكل ما ذكرناه فيه إذا لم يجر بين الآمر والمأمور لفظُ الحوالة، فأمّا إذا جرى بينهما لفظُ الحوالة، فقال الآمر: أحلتك بكذا على فلانٍ، ثم يُفرض الخلاف مع جريان لفظ الحوالة، من وجهين: أحدهما - أن يقول الآمر: ذكرتُ لفظَ الحوالة، ولكن أردتُ به الوكالة، وقال المأمور بل أردتَ الحوالة. فالذي يدل عليه ظاهر لفظ المزني في المسائل التي يُجريها أن القول قولُ الآمر؛ فإنه ذكر الإحالةَ والحوالةَ، ثم فرض الخلاف، ثم قضى بأن القولَ قولُ الآمر، ولو كان يختلف الأمر