فإن بطلت تلك الجهة، بقي الأمر المطلق. وهذا بعيد.
وكان شيخي أبو محمد يقرّب هذا الاختلاف من أصلٍ بعيد عن وضع المعاملاتِ، وهو أن من تحرّم بصلاة الظهر، قبل الزوال، وحكمنا بأن صلاته لم تنعقد فرضاً، فهل يُقضى بأنعقادها نفلاً؟ فعلى قولين، أجريناهما في هذه المسألة وفي نظائرَ لها.
4258 - ولو أصدق الرجل امرأته ديناً، ثم أحالها زوجها بصداقها على إنسان، وطلقها قبل المسيس، فهذا في نصف الصداق يناظر ما لو أحال المشتري البائعَ بالثمن، فهل يُحكم ببُطلان الحوالة في نصف الصَّداق؟ اختلف أصحابنا على طريقين: منهم من أجراه على القولين المذكورين في البيع، ومنهم من قطع القول بأنّ الحوالة لا تبطل؛ وذاك لأن الطلاق ليس بفسخٍ في الحقيقة، بل هو تصرف في الملك، وليس كذلك الرد بالعيب، والصداق في الجملة أثبت من غيره. ولهذا قلنا: إن الصداق إذا زاد في يد الزوجة زيادةً متصلة، منعت تلك الزيادةُ ارتدادَ النصف عند الطلاق قبل المسيس، ولا تمنع الزيادةُ نفوذَ شيء من الفسوخ. ولو كان الصّداق يرتد إلى الزوج بسبب فسخ من الفسوخ، فالقول في الحوالة كالقول في العقد الذي يطرأ عليه الرد بالعيب، ولا فرق، وإنما التردد في الطلاق.
4259 - ولو باع الرجل عبداً بألفٍ، ثم أحال البائع رجلاً له عليه [مثلُ] (?) الثمن، فأحاله على المشتري، ثم وجد المشتري بالعبد عيباً، فرده، فالأظهر في هذه الصورة أن الحوالة لا تنفسخ؛ لأنها تعلقت بثالثٍ؛ إذْ (?) تحقق تعلقُها بغير المتعاقدَيْن.
ومن أصحابنا من أعاد ذكرَ الخلاف في هذه الصورة، وجعل الحوالة على المشتري كإحالة المشتري البائع على إنسان، وعلل بأن الحوالة وإن تعلقت باستحقاق ثالثِ؛ فإنها تبعٌ للبيع والتبعية لا تزول (?). وهذا وإن كان منقاساً، فهو غريب، حكاه العراقيون، والقاضي، وغيرُهم.