فما قبضه ليس نفسَ الدين؛ فإن الدين لم يكن متعيناً، وليس ما عُيّن عوضاً عن الدين هو الدين أيضاً، بل هو الحق الموفَّى، كذلك الحوالة أقيمت استيفاءَ حقٍّ، حتى كأن المحتالَ استوفى ما في ذمته (?) عما كان له في ذمّته (?)، وصار استحقاقه على المحال عليه، وحلوله محل المحيل نازلاً منزلة استيفاء عينٍ عن دين.

4235 - وقال قائلون: تسمية الحوالة معاوضة محضة غير سديد، وتسميتها استيفاء محضاً غير سديد، والصحيح أنها متركبة من المعاوضة والاستيفاء، فهي معاوضةٌ ضمِّنت استيفاءً، واستيفاءٌ بطريق المعاوضة. وأقرب شيء شبهاً بها ما لو أخذ مستحق الدين عوضاً عمّا له في ذمة المديون، فهذه معاوضة تضمنت استيفاء الحق.

4236 - وذكر شيخي بعد تزييف محض المعاوضة والاستيفاء قولين عن ابن سريج في حقيقة الحوالة: أحدهما - أنها معاوضة باستيفاء، والثاني - أنها ضمان بإبراء، فكان هو (?) عن حق المحيل.

أمّا القول الأوّل - فهو الصحيح. وحاصل الخلاف أن الغالب على الحوالة معنى المعاوضة ومعنى الاستيفاء، فأما تضمنها المعنيين، فلا خلاف فيه.

وأمّا القول الثاني - وهو أنّها ضمان بإبراء، فليس له معنىً في أصل الحوالة؛ فإن المحتال يملك ما في ذمة المحال عليه في مقابلة ما كان له على المحيل، وإنّما تحسن هذه العبارة إذا لم يكن على المحال عليه دين، كما سنصف ذلك بعد هذا، إن شاء الله تعالى.

4237 - ثم الأصل في الحوالة الأشخاص الثلاثة الذين ذكرناهم. ورضا المحيل والمحتال (?) معتبرٌ، أمّا رضا المحيل؛ فإنما اعتبر؛ لأنه مالك الدين على المحال عليه، فلا يُسْتَحَقُّ عليه ماله على المحال عليه دون رضاه، وأمّا المحتال، فحقه ثابت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015