فلو قال صاحب العلو: اغرَم لي أجرة البانين، لم يُجب إلى ذلك. وإن قال: أمنعك من السكون (?)، لم يجب إلى ذلك؛ فإنه أوى إلى ملك نفسه. وإن قال: إذا كان كذلك، فأنا أنقض بنائي، وأرُدُّ الأمرَ إلى ما كان، نُظر: إن لم يأت بعينٍ جديدة في البناء، فليس له نقضه؛ إذْ ليس له في الجدار إلا حقُّ الصنعة، وقد كان انفرد بها، ولا سبيل إلى استدراك الصنعة، فالصنعة (?) لا تستدرك.
وإن كان أعاد جدران السفل بأعيانٍ من عند نفسه، [فله نقضه] (?)، وليس له منعُ صاحب السفل من السكنى إلى اتفاق النقض؛ لأنه يقول: أنا أدخل ملكي، فلا سبيل إلى منعه، ثم حيث نمنعه من النقض -وذلك إذا لم يحدث عيناً في البناء- فلو هدم، فالمذهب أنه يغرَم ما ينقصُه النقض؛ فإنه إذا بنى، فقد انقطع عمله، والبناء على صفته مملوك لصاحب السفل، فإذا هدمه، كان جانياً على ملك غيره. وسنمهد هذه القاعدة في كتاب الغصوب، ونذكر فيها ضبطاً لبعض الأصحابِ، إن شاء الله تعالى.
4201 - ولو كان بنى السفل بأعيان ملكه، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنه لا يمنع صاحب السفل من الانتفاع بالسفل سُكنى، وليس للباني إلا النقضُ، والرجوعُ إلى عين ماله.
وذكر صاحب التقريب وجهاً أن لصاحب العلو الباني [منع] (?) صاحب السفل فيقول له إما أن تبذل قيمة أعيان ملكي، وإما أن تنكف عن الانتفاع بها، وإذا دخلت السفل، فقد انتفعت بالسقف والجدران، وهي من أعيان ملكي، وقد بنيتُ ولي البناء.
وهذا وجهٌ غريبٌ غيرُ معتد به، والمذهب والقياسُ ما قدمناه، من أن الباني لا يملك إلا نقضَ البناء، فأما المنع من الانتفاع، فلا. والذي ذكره صاحب التقريب يشبه قياس المصالح، والمصلحة تقتضي الإجبارَ على العمارة. وتفريعنا على الجديد.