ولو كان الباب المقابل بين بابي هذا الفاتح القديم والحديث، فلا وجه إلا القطعُ بثبوت الاعتراض؛ فإن ممرّه على الباب المستحدث، وليس بابُه أسفل من الباب القديم؛ حتى يقال: هذا البابُ الحديث في معنى البابِ القديم، بل هو في حقه إحداث ممرٍّ لم يكن له. والسر في هذا مبيَّنٌ في آخر الفصل.
4140 - والذي نذكره الآن نقل مقالاتِ الأصحاب، مع التحقيق الذي يليق به:
فأمّا فتحُ الكوّاتِ والمنافذ لجلب الضوء من غير إشراعٍ في الهواء، فلا منع منه أصلاً.
ولو فتح باباً جديداً وزعم: إني أريد الاستضاءة، ولست أطرق منه، وطلب أن يقيمه مقام كوة يفتحها، فقد اضطرب أصحابنا في ذلك: فمنهم من قال: لا سبيل إلى منعه، وكذلك لو أراد رفع جميع جدارِه، لم يمنع.
ومنهم من قال: يمنع؛ فإن الباب شاهد على حق المرور من محل الفتح، فليمنع من هذا، وليس كالفتحة العالية، التي لا يتوقع النفوذ منها.
4141 - ولو كان للإنسان دار بابُها لافظٌ في سكة منسدة، وكانت تلي الشارع، ففتح لها باباً في الشارع، جاز ذلك. ولو كان بابُها لافظاً في الشارع، وكان جدارٌ منها يلي سكة منسدةَ الأسفل، لم يجز له أن يفتح باباً في تلك السكة إلا برضا أهلها، فإذا رضُوا، كان ذلك إعارةً منهم [للمرور] (?) من السّكة، ومهما أرادوا الرجوع، رجعوا في العارية، ولا يلتزمون إذا رجعوا شيئاً، بخلاف ما إذا أعار مالك الأرض ممّن بنى عليها؛ فإن الرجوع وإن كان جائزاً، فقلْع البناء مجاناً لا يجوز، على ما سيأتي مشروحاً، إن شاء الله تعالى.
4142 - ولو كانت له داران بابُ أحدهما لافظٌ في الشارع، وبابُ الثانية نافذٌ في سكة غيرِ نافذة، فأراد أن يفتح باباً من إحدى الدارين في الأخرى، ليصيرا واحدة، فهل لأهل السكة المنعُ؟ فعلى وجهين: أقيسهما - أنه لا يُمنع؛ لأن حق الاستطراق في السكة مُستحق له، ومنعه من فتح ملكه في ملكه لا وجه له.