اختلف أصحابنا فيهم: فذهب ذاهبُون إلى أنهم لا يعترضون؛ فإنّهم في النفوذ من السكة لا [يطرقون] (?) مكان الجناح، فلا اعتراض.
وقال آخرون: لهم الاعتراض؛ فإن السكة في حكم عرصة مشتركة بين سُكَّان السّكة، فيثبت حق الاعتراض للجميع، ولمن تعلو داره حقُّ الاعتراض في جميع السّكة. وغاية هذا الفصل تتبين بذكرنا حقيقة المذهبِ في آخر الفصل، إن شاء الله تعالى.
ولو صالح أهل السّكة مُشرع الجناح، لم يجز، لما قدمناه من امتناع المصالحة على الهواء المجرّد. فهذا الذي ذكرناه الطريقةُ المشهورة للأصحاب، وفاقاً وخلافاً.
4137 - وقال العراقيون يجوز إشراع الجناح في السكة [المنسدة] (?)، حيث يجوز إشراعُها في الشوارع، وإنما قال العراقيون ذلك فيمن له بابٌ نافذ في السكة، فأما من لا ممر له، وإنّما جداره على السّكة، فليس له أن يُشرع الجناحَ في السكة المنسدة.
وهذا نقلته من طرق معتمدة لهم على ثَبَت. فالمرعي عند هؤلاء الضرر وانتفاؤه، كما تقدّم في الشارع العام، وهذا لا تعرفه المراوزة أصلاً، ولعل العراقيين لم يثبتوا في عرصة السكة حقيقةَ الملك لأهل السكة، وإنما أثبتوا فيها حق الطروق، ولكنه مختص بسكان السكة. والطروقُ في الشارع العام لا اختصاص فيه.
4138 - وممَّا يتعلق بهذه التصرفات فتح الأبواب و [الكَوَّاتِ] (?) والمنافذ، فأمّا فتح الأبواب في الشوارع العامة، فلا منع منه؛ فإن الذي يفتحها يتصرف في جدار نفسه بالرفع، وذلك إليه، وإذا رفع مقداراً منه، استحال منعُه. ثم حق الطروق بعد الفتح ثابت؛ فإنه حقٌ عام للناس كافة.