ثوباً، فأنكر، ثم قال: صالحني على نصفه، ففي المسألة وجهان مشهوران:
أحدهما - لا يجوز ذلك ويلغو (?)، والصلح صلحُ إنكار، فيُقضَى بفساده.
والوجه الثاني - يجوز، ويجعل كأنه وهب منه نصف المدّعى.
وفي الحقيقة إذا صالحه على النصف وسلمه إليه، فقد اتفقا على استحقاقه فيه، غير أنهما اختلفا في جهة الاستحقاق: فالمدعي يزعم أنه يستحقه بحكم الملك، والمدعى عليه يقول: بل بحكم الهبة.
4113 - ولو كان المدعى ديناً، فأنكره المدعى عليه، ثم صالحه المدعي على خمسمائةٍ (?)، نُظر: فإن صالح على خمسمائة في الذمة، لم يجز الصلح. وإن وقع تعيينُ الخمسمائة وإقباضُها؛ فإن المدعى عليه يزعم أنه وَهَب من (?) المدعي خمسمائةٍ، وإيراد الهبة على الذمة باطل. ولو قال رجل لآخر وهبتُ منك ألف درهم، ثم حصله وأقبضه إياه، لم يصح ذلك.
ولو أحضر المدعى عليه خمسمائة، فقال المدعي: صالحتك على هذه الخمسمائة، فهذا يترتب على ما قدمناه فيه إذا كان المدعى عيناً، فإن حكمنا ببطلان الصلح في العين، فلأن يبطل الصلح في الصورة التي انتهينا إليها أولى، وإن حكمنا بأن الصلح من العين على بعضها صحيح محمول على الهبة، فإذا جرى الصلح من ألف على خمسمائةٍ معينة، ففي هذا الصلح وجهان: أحدهما - أنه يصح، وهو محمول على هبة الخمسمائة الحاضرة، وما ذكرناه في تقدير هبة بعض العين إذا كان المدّعى عيناً والصلح على بعضها.
ومنهم من قال: لا يصح. والفرق أن الصلح من العين على بعضها ليس في معناه شَوْبُ معاوضة، والصلح من ألف في الذمة على خمسمائةٍ حاضرةٍ منقودةٍ فيه معنى المعاوضة، فكان حريّاً بالبطلان، مع قيام الإنكار، ومقابلة الألف بالخمسمائة.