فأمّا صلح المعاوضة الذي يشتمل على عوض سوى العين المدعاة المعترف بها.
وذلك إذا ادّعى رجل على رجل داراً أو عبداً أو ثوباًً، فاعترف به، وصدق المدعي،
ثمِ قال للمدعي: صالحني عن هذه العين على هذا، وعين عوضاً، أو وصفه وصفاً
يُقنعُ به في المعاوضات. فإذا أسعفه المدعي، وقال: صالحتك من (?) ثوبي الذي في
يدك على كذا، فقال المدعى عليه: قبلتُ، صحت المعاملة. وهي بيعٌ على
الحقيقة، معقودة بلفظ الصلح.
وإذا قال الفقيه: حكمه حكم البيع، كانت عبارته مختلّة؛ فإنه بيعٌ بنفسه، ويتعلق به جميعُ أحكام البيع وقضايا الربا، إن اشتمل على الربويات. والعُهَدُ المألوفة في البيع، وأحكام الضّمان، والردود، ولا مزيد؛ فقد قطعنا بأنه بيع.
قال صاحبُ التلخيص: الصلح في المقام الذي نحن فيه بيع عُقد بلفظ الصلح.
4103 - ويجوز عقد الصلح بلفظ البيع إلا في شيء واحد، وهو الصلح عن الجنايات؛ فإن الصلح جائز عن الإبل، وإن لم تكن على الصفات الضابطة في السلم، ولو فرض عقد تلك المعاملة بلفظ البيع، لم يصح.
4104 - قال الشيخ أبو علي (?): هذا الذي ذكره غير صحيح. والتفصيل فيه أن الأرش إن كان مجهولاً، كالحكومة التي لم تقدَّر، فلا يصح الصلح عنه، ولا يجوز تقدير بيعه، وإن كان الأرش معلوماً على التحقيق، كما إذا كان دراهم أو دنانير، صحَّ الصلح عنه، ويصح التصرف فيه بلفظ البيع. وإن كان الأرش مقدراً، ولكن كان من الإبل، والأوصافُ المرعية في الديات لا يقع الاكتفاء بها في السلم، ففي جواز الصلح عنها وجهان، اختار صاحبُ التلخيص أحدهما. فإن نحن صحَّحْنا الصلحَ، لم يمتنع تصحيح المعاملة بلفظ البيع أيضاًً، وإذا لم نصحح الصلح، فلا شك في امتناع البيع أيضاًً. ثم قال الشيخ: إذا قلنا: موجب العمدِ القودُ المحض، فالصلح من (?) القصاص جائز، ولا يجوز استعمال لفظ البيع فيه.