يتوجه في الحكم بالذكورة والأنوثة. وإن شبب مشبب بخلافٍ في الذكورة والأنوثة في الحيض والمني، أُلزم خروجَ البول من أحد المبالين؛ فإنه يبيّن الذكورة والأنوثة، وإن كنا لا نأمن خروجَه من المبال الثاني بعد خروجه من المبال الأوَّل. ثم لا خلاف أنا نعلق الحكم بالمبال إذاً سبق، فإن تأخّر عنه الخروج من المبال الثاني، نقضنا ما حكمنا به، فالوجه إذاً القطع بحصول الذكورة بالمني إذا انفرد، وحصول البلوغ. وكذلك القول في الحيض إذا انفرد.
وإن خرج المني والحيض، فلا شك أنا لا نحكم بالذكورة والأنوثة، لتعارض الأمرين. وهل [يُحكم] (?) بالبلوغ؟ هذا محتمل جدّاً. يجوز أن يقال: يحصل البلوغ؛ فإنه إن التبس الذكورة والأنوثة، فقد حصلت العلامتان المعتبرتان في البلوغ، فإن كانت امرأة، فقد حاضت، وإن كان رجلاً، فقد أمنى. ويجوز أن يقال: لا يحصل البلوغ بناء على أن الخارجَيْن ليسا منياً ولا حيضاً؛ فإن تعارضهما قد [يثير] (?) هذا الإشكال، فإنَّ الجبلّة التي تنشىء المني، لا تنشىء الحيض من مغيضه، والطبيعة التي تنشىء الحيض لا (?) تنشىء المني، فلا يمتنع ألاّ نحكم على الواحد من الخارجَيْن تحقيقه، وبهذا نوجه نصّ الشافعي -إن كان له نص (?) - فهذه الطريقة التي أرتضيها.
فأما تقريب قول الأصحاب، وحملُه على وجهٍ يقرب بعض القرب، فهو أن يقال: إن سبقَ المني، حكمنا حكماً ظاهراً بالبلوغ، وكذلك إن سبق الحيض؛ فإن سبق أحدُهما، ولحقه الثاني، فحُكْمنا بالبلوغ، ربطاً بالسابق منقوضٌ لا محالة. فهذا هو المعنيّ بقول الأصحاب: لا نحكم بالبلوغ. فإذا اعتقبا، فهل نحكم الآن، وقد نقضنا حكمنا الأول بالبلوغ؟ فعلى التردد. وهذا مع بذل الجهد فيه مُثبَّجٌ (?).