يكن عوضاً عن مالٍ، يقبل فيه دعوى الإعسار، وهذا ليس وجهاً رابعاً؛ فإنا حكينا وفاق الأصحابِ في أنه لو ثبت له ملك، لم تقبل دعوى الإعسار منه بتقدير زوال اليسار، وإذا كان هذا متفقاً عليه، فكأن هذا القائل في تفصيله جمع بين صورة الإجماع وبين قبول قوله مطلقاً في غير محل الإجماع.
وقد يخطر للفقيه حملُ هذا الوجه الرابع على دين ثبت [عوضاً] (?)، وكان ملتزمه يدعي أنه لم يقبض (?) المعوّضَ، فإن كان ذاكرُ (?) هذا الوجه منزّلَه على هذا التقدير، لا على الاعتراف بقبض المعوّض، وادعاء تلفه، فهذا على حالٍ وجهٌ ضعيف؛ فإنه إذا ثبت الملك في المعوّض، فالظّاهر قبضُه، ونحن إنما لا نقبل قول من سبق له يسارٌ، بتأويل ادعاء [زواله] (?)؛ من جهة أن قولَه يظهر الخُلف فيه، وزوال اليسار ممكن، فعدم قبض المبيع بهذه المثابة. والعلم عند الله تعالى.
4046 - ووراء هذه الأوجه نوعان من الكلام، يحصل بهما تمام الغرض.
أحدهما - أنا إذا قلنا: يُقبل قول المعسر مع يمينه، فلست أرى قبولَ قوله مع اليمين بداراً، فيظهر عندي مسلك أبي حنيفة (5 في التأني مع البحث الممكن عن أحواله، غير أن ما ذكره أبو حنيفة مع البينة 5) باطل عندنا؛ من جهة أنا نحمل كلام الشهود على صدوره عن بحث منهم، فإذا شهدوا، وجب الاكتفاء بشهادتهم. أما إذا لم تكن بينة، وكان الرجوع إلى قول المدَّعي ويمينه، فيظهر أن يبحث القاضي عن بواطن أمره، وليس ذلك بعيداً عن الإمكان. وهذا يقرب عندي من قول الشافعي في الفاسق: إذا تاب، استبرأتُه أشهُراً، (6 فإن التوبة مأخوذةٌ من قوله، فرأى الشافعي معه الاستبراء6) نعم، لست أنكر فرقاً بين الأصلين؛ فإن يمين المعسر بمثابة الجحد.