وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يأخذ من هذه الخمسمائة إلا ثلثها؛ فإن الحصة الأخرى لو كانت باقية، لكان يأخذ منها ثلثها أيضاً، فلئن فاتت تلك الحصة وأعسر صاحبها، فلا ينبغي أن يرجع بما فات من حقه بسبب تلك الحصة الفائتة على الحصة الباقية، وكان حقه في أيديهما، ففواته بسبب فوات ما في يد أحدهما لا يرد جميع حقه إلى ما في يد الثاني.

وهذا الخلاف قريبُ المأخذ من القولين في أن أحد الوارثَيْن لو أقر بدَيْنٍ وأنكر الثاني، فهل ينحصر جميعُ الدين في حصة المقر؟ أم لا يلزمه [منه] (?) إلا ما كان يطالَب به لو أقر صاحبه معه؟ وفيه قولان سيأتي ذكرهما في كتاب الأقارير، إن شاء الله تعالى.

3969 - ومما أطلقه الأصحاب (?) في قاعدة هذا الفصل أن قالوا: إذا اقتسم الغرماء مالَ المحجور، ثم ظهر غريم بدين قديم، فالقسمة السَّابقة لا تنقض، ولكن الغريم الظاهر يُحاصن كلَّ واحد بمقدار حقه، واعتلّوا بأن قالوا: الغريم لا حق له في أعيان الأموال، وإنما تعلقه بالمالية، وإذا (?) كان يرجع على كلٍّ بحصته، فلا معنى لنقض القسمة مع وصوله إلى ما هو حقه، من غير تقدير تعويض وإبدالٍ.

وهذا يظهر جداً إذا ردت الأمتعة إلى النقود وفُضّت على أقدار الديون، ولم يكن لواحد من الغرماء في محل الكلام عين مال، وإنما حقوقهم ديون مرسلة.

3970 - ولو اقتسم الورثة أعيان التركة، ثم بدا دينٌ، فالأصح المنصوص عليه أن القسمة لا تنقض ببَدْو (?) الدَّيْن، بل يرجع الغريم على كل وارث بحصته إلى استيعاب حقه؛ فإن حقه يتعلق بمالية التركة، لا بأعيانها. وأثر القسمة في إفراز الأعيان. وإلا فالتركة في أيدي الورثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015