3904 - عُدنا إِلى التفريع على القولين في الخلط بالأجود، فنقول:
لو كان الزيت المشترى يساوي درهماً، وقد خلطه بمقدارٍ من الزيت الجيد مثلِ مقدار المبيع، ولكن كان قيمةُ الجيد درهمين. فإِن قلنا: لا يكون البائع واجداً عين ماله، ضارَب بالثمن، وكان أُسوة الغرماء. وإِن جعلناه واجداً عين ماله، ففي طريق إِيصالِه إِلى حقه من عين المبيع إِذا اختار فسخَ البيع قولان: أحدهما - أن الزيتين يباعان، ويوزع الثمن بالغاً ما بلغ على الثلث والثلثين. وهذه النسبة مأخوذة من تفاوت القيمتين. هذا قول.
والقول الثاني - أن الزيت المختلط يقسم بين البائع والمشتري على نسبة القيمة ثلثاً وثلثين، فإِن كان المقدار المختلط مكيلتين، قسمناها ثلثاً وثلثين، فرددنا إِلى البائع ثلثي مكيلةٍ، وبقَّينا على المشتري مكيلةً وثلثاً، يضطرب فيها غرماؤُه.
3905 - فإِن قيل: هذا صورة الربا؛ فإِنه سلّم مكيلةً، وألزمتموه الاكتفاء بثلثي مكيلةٍ، قلنا: هذا القول يخرّج على أصلين: أحدهما - أن القسمة إِفراز حق؛ فإِنا لو قدرناها بيعاً، فلا مجاز لهذا؛ إِذ حقيقته مقابلة مكيلة ببعضها، ثم لا تخرج القسمة مع التفريع على أنها إِفراز حق إِلا على أصلٍ آخر، وهو أن القسمة التي تبنى على تعديل القيمة، لا على تسوية الأجزاء، هل يقع الإِجبار عليها؟ وهي كفرض قسمةٍ بين عبيدٍ ودورٍ وغيرها. بأن تُفصّلَ أقساماً معدَّلة القيم، فتُوقع العبيدَ مثلاً في قسم، والثيابَ في آخر، والدور في آخر، على ما يتفق من ضم بعض الأصناف إِلى البعض، فهذا الضرب من القسمة هل يجري الإِجبار فيها؟ فعلى قولين، سنذكرهما في كتاب القسمة.
فإِن رأينا الإِجبار على مثل هذه القسمة، واعتقدنا أن القسمة إِفرازٌ، انتظم منه قسمة الزيتين على تعديل القيمة، من غير نظر إِلى الجزئية. أما الربا، فلا يلزم القول به، لمصيرنا إِلى أن القسمة ليست بيعاً، وأما الإِجبار من غير جزئية تعويلاً على التعديل بالقيمة؛ فإِنه خارج على الأصل الآخر الذي ذكرناه.
3906 - فإِن قيل: هلا قسمتم الزيت بين البائع والمشتري نصفين، وألحقتم ما ثبت من المزية بسبب الخلط بالأجود بالزيادات المتصلة، ولو باع الرجل عبداً صغيراً، فشبَّ ويَفَع في يد المشتري، وتضعَّفت قيمتُه، فالبائع يرجع في عينه؟ قلنا: