وهذا كلامٌ منّا مُبْهمٌ في صدر الفصل، ولا ينتجز الفصل إلا بعد انكشاف الغطاء، إن شاء الله تعالى.
هذا إذا كان الخلط بالمثل أو الأردأ.
3902 - فأما إذا خلط المشتري الزيتَ بزيت -عنده- أجود (?)، فهل يكون البائع واجداً عين ماله؟ تردد قولُ الشافعي فيه، فقال في أحد القولين: إنه واجد كما إذا وقع الخلط بالمثل أو الأردأ، وكما لو باع ثوباً فصبغه المشتري فبائع الثوب واجد (?) عينَ ماله، وإن اتصل به عينُ مال المشتري اتصالاً لا يقبل التمييز، على ما سنذكر هذا على الاتصال بهذا الفصل.
وقال في القول الثاني: البائع فاقدٌ -في الحكم- عينَ المبيع. قال الشافعي: لأن الذائب إِذا اختلط بالذائب، انقلب. وأشار إِلى أن عين المبيع لا يمتاز أصلاً، ولا يتأتى امتيازه حساً ودَرْكاً. وليس كالثوب يُصبغ، والسَّوِيقُ يُلتُّ بالسّمن؛ فإِنّ أحد الجوهرين ممتازٌ في الدرك.
ثم إِن أصحابنا لما رأَوْا الشافعي يتعلق بانقلاب الذائب، انعكسوا على الخلط بالمثل والأردأ، فرأى بعضهم أن يخرّج فيما مضى قولاً أن البائع فاقدٌ عين ماله؛ فإن المبيع لا يأتي تميُّزه فصلاً، ولا دَركُه على التعيين. وقد ذكرنا أن من اشترى حنطة، فانثالت عليها حنطة أخرى للبائع قبل التسليم إِلى المشتري، فهل يُقضى بأنفساخ العقد؟ فعلى قولين. وإِذا كنا نجعل الاختلاط في قولٍ بمثابة تلفِ المبيع، فلا يبعد أن يجعل الاختلاط بالمثل في يد المشتري بمثابة التلف.
ومن أصحابنا من أجرى الخلط بالمثل والأردأ على القطع، وخصص القولين بما إِذا كان الخلط بالأجود. وهذا ظاهر النص، ومقتضى نظم كلام الشافعي. ويبعد عن موافقة مراده أن نقول: ما فصَّله، ثم قطع جوابه في بعض التفاصيل، وردده في البعضِ لا فرق فيه.
وهذا إِن قيل به ردٌّ لكلام الشافعي، وإِبطالٌ لتقسيمه وتفصيله.