وأقرب المسالك في استدارك الحقوق جُمَع تبقيةُ الزرع. ثم فائدة فرعه الإجارةَ أنه يرجع إلى أجرة المثل للمدة الباقية، لا يضارب بها، بل يُقدَّم بها، كما نُقدِّم مَنْ تعامل بعد الإفلاس معاملة تليق باستصلاح أموال المفلس، فيرجع بأجرة المثل فيما بقي من المدة مقدَّماً بها، ويضارب بأجرة مثل ما سبق من المنافع الغرماءَ.

3898 - وقد كنا ذكرنا أن من باع أرضاً وسلمها؛ فزرعها المشتري ثم أفلس، ورجع البائع إلى عين الأرض، فالزرع يبقى إلى الحصاد، كما ذكرناه، ثم لا يرجع البائع بأجرة مثل الأرض في تلك المدة، وفرقنا بين الشراء والاكتراء، بأن المكتري خاض في العقد على ضمان المنافع، والمشتري لم يخض على ضمان المنفعة. هذا ما ذهب إليه جميع الأصحاب.

3899 - وحكى صاحب التقريب قولاً مخرجاً عن ابن سريج في أن البائع إذا فسخ البيعَ، ورجع في المبيع (?)، استحق أجرة المثل لبقية المدة؛ فإن الأرض انقلبت إلى ملكه، والمنافع المحتسبة بسبب إبقاء الزرع تالفة من حقه وملكه، فلتُضمن له.

وأقرب نظير في هذا أن المشتري لو بنى وغرس، فأراد البائع الراجع في المبيع أن يُبقي البناءَ والغراسَ، ويُلزم المفلسَ أجرة المثلِ مدة بقاء البناء، فله ذلك، وهذا أجرة منفعة في عاقبة بيعٍ فُسخ بالإفلاس، فلا فرق بين منافع الأرض في مدة الزرع وبين منافعها في آمادٍ من البناء، إلا أنَّ لإحدى المنفعتين أمداً محدداً.

وهذا منقاسٌ بالغ.

ولكن المذهب المشهور ما ذهب إليه الجمهور، من أن منفعة الأرض في مدة الزرع في صورة البيع لا تقابل بأجرة، وتعتقد كأنها تابعةٌ، ومدةُ مهلة في تفريغ المبيع.

3900 - ثم ما ذكرناه من أن الزرع لا يقلع عَنَيْنا به أن المكري لا يملك القلع بحق الفسخ، فلو طلب الغرماء القلع ليتعجلوا ميسور حقوقهم، أجيبوا. ولو كان المكري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015