قال العراقيون: في المسألة طريقان، على العكس مما تقدم: فمن أصحابنا من قال: في المسألة قولان؛ لأن الغرماء ليسوا أصولاً في الخصومة، والخصومة وإن أمكنت النيابةُ فيها، فلا نيابة في الأيمان، والطريقة الأخرى - القطعُ بأنهم يحلفون؛ فإنهم ليسوا نائبين عن المفلس في أيمانهم، والخصومة موجهة عليهم، ولولا حقوقهم، لنفذ إقرارُ (?) المفلس، فإذا أرادوا أن يأخذوا أموالهم، ويحرموا المقرَّ له، فقد انتصبوا خصومه.
عدنا إلى ترتيب المسألة: إذا نكل المشتري عن اليمين.
3866 - فإن قلنا: الغرماء يحلفون، فيحلفون على نفي العلم، كما كان المشتري يحلف لو رغب في اليمين، وإن قلنا: إنهم لا يحلفون، فترد اليمين على البائع. وكذلك إن قلنا: إنهم يحلفون، ونكلوا، فإن نكل البائع عن يمين الرد جُعل نكوله كحلف المشتري، وبقيت الثمار للمشتري يتضارب فيها غرماؤه.
وإن حلف المشتري فقد قال الأصحاب: هذا يخرّج الآن على الاختلاف في أن يمين الرد تنزل منزلة البينة المقامة للخصومة؟ أم تنزل منزلة إقرار المدعَى عليه؟ وفيه اختلاف معروف.
وهذا أوان تقريره.
فنذكر ما سرده الأصحاب على وجهه. قالوا:
3867 - إن قلنا: يمين الرد كالبينة، قضينا بالثمرة للبائع، كما لو أقام بينة على تقذم رجوعه على التأبير، وإن قلنا: يمين الرد كإقرار المدعى عليه، فتخرج المسألة على قولين مبنيين على أن المفلس لو صدّق البائع، وأقر له بما يدعيه من الثمار، فهل يُقضى له بموجب إقراره على الغرماء؟ وفيه قولان [مرتبان] (?): فإن رأينا قبول إقراره، فلا كلام، وينفذ القضاء بالثمرة للبائع، وإن رأينا ردَّ إقراره وقد نزلنا يمين البائع منزلة إقرار المشتري بحقوق الغرماء مقدمةً في الحال، فيتضاربون في الثمار تضاربهم في سائر أصناف الأموال.