الصورة من الحمل، والثمارُ أولى بأن يَرجع فيها البائع، والسبب فيه أنها وإن تبعت الشجرة في معظم تسميتها، فهي مقصودة في نفسها، ويسوغ في المذهب الظاهر إفرادها بالبيع، فكأنها جُعلت مقصودةً في العقد، فكانت بالرجوع أولى، والحمل كأنّه صفة، والولادة كأنه التجدد والحدوث، كما ذكرناه في توجيه القولين.
3859 - ومن صور الحمل ألا يكون موجوداً حالة العقد، ويحدث العلوق به بعد العقد، ثم يتفق وقتُ الرجوع والحمل في البطن، فقد ذكرنا قولين في الحمل: أظهرهما - أنه يرجع في الحمل، والقول الثاني - أنه يبقى للمشتري، ونظير هذا من الثمر ما لو باع نخلة، لا طلع عليها، ثم أطلعت ولم تؤبر، وحان الرجوع، ففي الثمار قولان مرتبان على القولين في الحمل. فإن قلنا: لا يرجع البائع في الحمل،. فلأن لا يرجع في الثمرة التي لم تؤبر أولى. وإن قلنا: يرجع البائع في الحمل من حيث إنه غير مقصود، فهل يرجع البائع في الثمر أم لا؟ فعلى قولين. والفرق أن الثمر مقصود في نفسه، قابل للإفراد بالبيع، ولم يكن موجوداً حالة العقد، فرجوعٌ بشيء مقصود إليه لم يكن موجوداً حالة العقد بعيدٌ، بخلاف الحمل؛ فإن كونه مقصوداً مختلف فيه، فكان رجوعه إلى البائع أقربَ من الجهة التي اختلفت في كونه مقصوداً.
هذا بيان ترتيب المذهب في الثمار والحمل في الصور الأربع.
فصل
قال: " ولو قال البائع: اخترت عين حقي قبل الإبار، وأنكر المفلس ...
إلى آخره " (?).
3860 - فرَّع الشافعي رضي الله عنه هذا الفصل على القول المنصوص الظاهر، وهو أن من باع نخلة، فأطلعت بعد البيع، وأفلس المشتري قبل التأبير، وأراد الرجوع، فله أن يرجع في الثمار مع الأشجار. ولو أُبرت الثمار قبل الرجوع، لم يرجع البائع في الثمار وفاقاً. ومضمون الفصل مُدارٌ على هاتين الصورتين.