وهو الآن عبدٌ مملوك مستقلٌّ بنفسه، [فقدرناه] (?) كأنه وجد جديداً بعدَ البيع. وبنى الأصحاب هذين القولين على القولين في أن الحمل هل يعرف؟ فقالوا: إن قلنا: إنه يعرف، فيرجع إلى البائع من حيث كان موجوداً حالة العقد. وإن قلنا: لا يعرف، فكأنه لم يكن حالة البيع، وإنما تجدد من بعد.
والأولى في ذلك ما ذكرته في التوجيه من كون الحمل صفةً، وكون المنفصل عبداً مستقلاً، ويجعل تجدد الاستقلال كتجدد الوجود. وهذا أوْلى في التوجيه على ضعفه من التعرض لكون الحمل مجهولاً؛ فإنا إن شككنا في الحمل حالة اجتنانه، فإذا انفصل لما دون ستة أشهر، لم نشك بعد انفصاله في كونه موجوداً عند العقد.
3853 - ولو باع جارية حائلاً، ثم علقت بمولود بعد البيع، وأفلس المشتري وأراد البائع الرجوعَ، والجارية حامل، فظاهر النص أن الحمل يرجع إلى البائع، ويتبع الجارية، كما يتبعها حالة البيع، حتى يصير المشتري أولى بالتَّبع (?).
وخرّج الأئمة قولاً آخر: أن الحمل لا يرجع إلى البائع (?) في هذه الصورة؛ فإنه إنما يرجع [إليه] (?) ما كان موجوداً حالة العقد، وليس الحمل كزيادة متصلة.
3854 - ونصُّ الشافعي دليل على أن الحمل لا ينفرد باعتبارٍ، وليس له قسط من الثمن، وسبيله التبعية. فإن قلنا: يرجع الحمل إلى البائع كما يقتضيه النص، فلا كلام. وإن قلنا: يبقى للمشتري وغرمائه، فلا ينبغي أن يمتنع رجوع البائع بالجارية بسبب حملٍ لا يرجع إليه؛ فإنا وإن منعنا بيع جارية في بطنها حملٌ حرٌ -على تفصيل قدمناه- فلا يمتنع الرجوع لمكان الحمل.
والقول في هذا وفي كيفية الرجوع في الجارية دون الحمل، وفي معنى الرجوع فيها دون الولد المنفصل، على قولنا بمنع التفريق بين الأم وولدها كلامٌ لا يتصور