يمتنع عليه التصرف في التركة بسبب الدين القليل؟ وقد قدمنا ذكرَ هذا في آخر كتاب الرهن. والنظر في هذا إذا كان الدين قليلاً على خلاف ما ذكرناه في حالة الحياة؛ فإن التركة متعلقة بالديون، كالرهون التي يتوثق الدين بها، وكرقاب الجناة. [و] (?) على أي وجه فرضنا الأمر، فلا فرق بين القليل والكثير. والحجر في حالة الحياة ابتداءُ امرٍ لدرء الضرار عن الغرماء، وليست أموال من عليه الديون متعلقة للديون قبل اطراد الحجر.
3794 - ثم قال العلماء: لا يضرب القاضي الحجر إلا إذا. استدعى الغرماء، فإن
استدعى كلُّهم، أجبيوا على التفصيل المقدّم وإن استدعى بعضُهم، نُظر: فإن كان دين
المستدعي بحيث يجوز الحجر بمثله لو لم يكن معه دين آخر، فإنه يجاب، ثم
لا يختص الحجر به، بل يصير محجوراً عليه في حقوق الغرماء كافة.
ولو لم يوجد من الغرماء كلِّهم الاستدعاء، واستدعى مَن دينُه يقل عن مبلغ المال، والتفريع على أن الدين القليل لا يحجرُ القاضي به، فهل يحجر إذا استدعى بعضُ الغرماء؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يحجُر، وهو اختيار شيخنا أبي محمد. ومن أصحابنا من قال: لا يحجرُ ما لم يبلغ ديونُ المستدعين مبلغاً يجوز الحجر بمثله لو لم يكن مزيد. ووجهه بيِّن.
ولو لم يستدعِ الغرماء الحجرَ أصلا، فليس للقاضي أن يحجُر على المديون ابتداءً، نظراً منه إلى طلب المصلحة الكلّية. هذا لا خلاف فيه.
3795 - ولو ارتفع بنفسه إلى مجلس القضاء واستدعى منه أن يحجُر عليه، ويفض (?) أمواله على غرمائه، فهل يجيبه أم لا؟ اختلف أصحابنا في المسألة: فذهب الأكثرون إلى أنه يجيبه. وقال آخرون: لا يجيبه مالم يستدع الحجر غريمٌ، أو غرماء.
وقد قال العلماء: ما كان حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل