3744 - ولو رهن رجلان عبدين مشتركين بينهما بدين كان لرجلين عليهما، ثم قضى أحدُهما ما عليه من الدين، فافتك الرهنَ في نصفي العبدين، فلو قال لشريكه: العبدان متساويان في القيمة، فتعال نقتسمها، وينفرد كل واحد منا بعبدٍ، فهذه القسمة ليست قسمة جزئية؛ إذ لا يعبر عن الحصتين فيهما بجزأين، بل لو جرت، لانفرد كل واحد بشخصٍ، وهذا النوع يسمى قسمةَ التعديل، ومعناه أنها لا تعتمد إلا تعديلَ القيمة.
فالقِسَم (?) ثلاثٌ: منها ما يعتمد الجزئية المحضة، وهي في المثليات، ومنها ما يعتمد التعديل في القيمة والجزئية، وعليها بناء قسمة الأقرحة (?) والدور. والإجبار يجري في هذين القسمين. والقسم الثالث - يعتمد تعديل القيمة، ولا مجال للجزئية فيه، كتمييز عبدٍ من عبد، وكوضع القسمة على أن ينفرد شريك بدار، وينفرد الآخر بدارٍ أو بستانٍ، أو سلعة من المنقولات. وللشافعي في الإجبار على هذه القسم الأخير قولان سيأتي ذكرهما في باب القِسام، إن شاء الله تعالى.
فإن قلنا: يجري الإجبار على هذه القسمة، فمن أصحابنا من قال: هذا النوع بيعٌ قولاً واحداً. ومنهم من قال: هو خارجٌ على القولين. فإن قلنا: هي بيع قولاً واحداً، امتنع جريانُها في الرّهن. فإن قيل: أرأيت لو رضي المرتهن؛ قلنا: لا يصح مع رضاه أيضاً؛ فإن رضاه يعمل في فك الرّهن، فأما في بيع الرهن بما ليس برهن ليصير رهناً، فلا مساغ لهذا أصلاً. والأجوبة وإن اختلفت في جواز نقل الرهن من عين إلى عين على حكم التراضي، فلا اختلاف في أن التبادل بصيغة البيع لا يجوز.
وإن قلنا: القولان جاريان في هذا الضرب من القسمة، فإن قلنا: لا إجبار عليها، فصحة القسمة مبنية على القولين، كما ذكرناه. ولكنا ذكرنا اختلافاً في القسمين المقدمين في أن المرتهن هل يُراجع؟ فإن قلنا ثَمَّ: يراجع، فلأن يراجع ها هنا أولى. وإن قلنا ثَمّ: لا يراجع، فهاهنا وجهانِ ذكرهما القاضي.