غرض الكتاب، وإنما المقصود الكلامُ في أن رهن سواد العراق غيرُ جائز على النص؛ فإنه محبس. وهو جائز على تخريج ابن سريج.
وأما بيع ما فيهِ من أبنية، فكل بناء كان من برّية العراق، فهو أيضاً غير مملوك، وما لم يكن من برّيته، فمملوك، والغراس لا شك أنه مستحدث، فإذا كان مملوكاً، فالرهن فيه جائز، وكذلك البيع.
ولو جمع بين رهن أرضٍ من السواد وغراس فيه مملوك، فهذا من باب تفريق الصفقة.
ثم مما وقع التعرض له في هذا الفصل أن بيع الأرض هل يستتبع الغراس؟ وهذا قد استقصيناه في كتاب البيع على أبلغ وجه، فلا معنى لإعادته، وشرط هذا الكتاب أن نضم فيه أطرافَ الكلام في المثنيات والمكررات.
3584 - ثم قال الشافعي: " لو أدى عنه الخراج، فهو متطوِّع ... إلى آخره " (?).
فالمراد أن من رهن بناء مملوكاً أو غراساً، فالخراج على الراهن، فلو أدى المرتهن الخراج نُظر: فإن أداه من غير إذن من عليه الخراج، فهو متطوع لا يجد إلى ما أداه مرجعاً. ولو أداه بإذن من عليه بشرط الرجوع، رجع، ولو أدّاه بإذنٍ، وما كان الإذن متقيداً بشرط الرجوع، ففي المسألة وجهان مشهوران.
ولا اختصاص لهذا بما نحن فيه. وكل من أدى ديناً على إنسان، فتفصيله في الرجوع على ما ذكرناه.
ونصُّ الشافعي يميل إلى الرجوع إذا كان الإذن مطلقاًً. قال الشافعي: لو فادى أسيراً دون إذنه، لم يرجع عليه، وإن فاداه بإذنه، رجع عليه، ولم يعتبر شرطَ الرجوع. ونصَّ أيضاًً على أن من اكترى داراً وقبضها وأكراها، فأدى المكتري الثاني الكراءَ عن الأول إلى المُكري بإذنه، رجع. وإن لم يكن بإذنه، لم يرجع، ولم يعتبر شرط الرجوع.
والمسائل كلها على الخلاف بين الأصحابِ.