ففي نفوذ عتقه أقوال: أحدها - أنه ينفذ لوروده على الملكِ الثابت للمعتِق، وكون المعتِق من أهل العتق، ومبنى العتق على النفوذ.
والقول الثاني - أنه لا ينفذ العتق؛ فإن الرهن يتضمن حجراً لازماً على الراهن، فلو سلطناه على الإعتاق، لكان مناقضاً للحجر المحكوم بلزومه.
والقول الثالث - أنا نَفْصِل بين كون الراهن موسراً، وبين أن يكون معسراً، فإن كان موسراً، نفذ عتقه، وغرِم قيمةَ العبد المرتهن ليكون رهناً. وإن كان معسراً لا ينفذ عتقه أصلاً.
وهذا القائل يشبه جريانَ العتق وسريانَه إلى حق المرتهن بمثابة سريان عتق أحد الشريكين إلى نصيب صاحبه من العبد المشترك. وقد تحقق أنا نفصل في عتق الشريك بين الموسر والعسر.
ثم قال العراقيون: إذا فرعنا على قول التفصيل، فلو كان الراهن موسراً وأعتق، فكيف الترتيب في نفوذ عتقه؟
قالوا: اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: يخرّج في وقت نفوذ عتقه ثلاثة أقوال: أحدها - أنه يتعجل نفوذ العتق، وبعده يتوجه الغرم، كما نفصله.
والثاني - نفوذ العتق يقع مع غرامة القيمة للمرتهن.
والثالث - أن الأمر موقوف.
وهذا القائل يُجري هذه الأقوال من الأقوال المشهورة في وقت نفوذ عتق الشريك سرياناً إلى نصيب الشريك. هذه طريقة.
قالوا: ومن أصحابنا من قطع بأن العتق ينفذ عاجلاً قولاً واحداً، وليس على قياس سريان العتق إلى ملك الشريك. والسبب فيه أن عتق الراهن صادف ملكَه، والعتق الذي نُسرِّيه في العبد المشترك ينفذ في ملك الغير، فيجوز أن يتوقف انتقالُ الملك فيه إلى المعتِق على تقرير ملك الشريك على العوض، وإنما يستقر الملك على عوض التلف إذا بُذل، وثبتت يدُ المتلَف عليه على ذلك العوض.
وهذا القائل يقول: لو كان عتق الراهن على قياس سريان العتق، لقطعنا بالفرق