[أقبضتُ] (?)، فأقررت على موجب ظني، ثم تبينت خلاف ذلك، أو قال: اعتمدت كتاب وكيلٍ لي، ثم تبينت أنه مزور، أو قال: ظننت أن الإقباض بالقول صحيح، فبنيت إقراري عليه، أو قدمت الإشهاد على الصك والعرف جابى بمثله. فهذه جهات غير منكرة. فإذا ادَّعى شيئاً منها، واقتصر على دعواه هذه، لم يلتفت إليه، وقد جرى القضاء بالإقرار.
وإن قال: حلّفوا المرتهن أنه قبض، فله تحليفه. ثم لا يخفى طريق فصل الخصومة عند عرض اليمين وفرض الحلف أو النكول. وإنما جوزنا تحليفه؛ لأن ما قاله ممكن، والمدعي يكتفي في ثبوت دعواه بإمكانها. وكيفما فُرض الأمر، فغايته أن يُسعَف بتحليف خصمه.
ولو أنه أقر بالإقباض، ثم قال: كذبتُ فيما قلت. ولم يذكر جهة يستند إليها صَدَرُ إقراره ودعواه التي يدعيها بعده، فالذي قطع به المراوزة أنه لا يقبل منه على هذه الصيغة، ولا يملك تحليفَ خصمه وهذه صيغة لفظه.
وذكر العراقيون هذه المسألة: وهي إذا كذّب نفسه صريحاً في إقراره السابق، وقالوا: ما صار إليه معظم الأصحاب أن له أن يحلِّف خصمه، ويحمل تكذيبه نفسَه على جهة من الجهات التي ذكرناها، لا على الكذبِ الصريح؛ فإن هذا ممكن. وقد ذكرنا أن الدعوى لا تعتمد إلا الإمكان. وهذا متحقق في التكذيب.
قالوا: قال أبو إسحاق المروزي: ليس له في هذه الصورة أن يُحلِّف، وهذا الذي قطع به المراوزة. وكان شيخي أبو محمد يحكي عن شيخه القفال أن ما ذكره من ملك الدعوى والتحليف فيه إذا ثبت الإقرار في مجلس القاضي بالبينة. فأما إذا ادعى الخصمُ الرهنَ والإقباضَ، فاعترف في مجلس القضاء، ثم أراد أن يذكر لإقراره محملاً ويحلّف خَصمه عند ذلك القاضي، لم يكن له ذلك.
وهذا تخييل عندي، فإنا إذا كنا نعتمد الإمكان، فينبغي أن يُكتفى به. نعم إن اتحد المجلس، فقد يتجه أن نجعل هذا بمثابة تكذيبه نفسَه، وإن قام من ذلك