وتمام بيان الفصل في شيء: وهو أنا إذا جعلنا نفسَ العقد منهما إذناً في القبض، فهل يملك العاقد الرجوعَ قبل مضي الزمانِ؟ فعلى وجهين أشار إليهما صاحب التقريب، وصرح بهما شيخي: أحدهما - أن الرجوع ممكن؛ إذ لا قبض بعدُ. والثاني - لا؛ فإن القبض صار ضمناً للعقد.
ولعل حرملة قال ما قال عن هذا، حيث أسقط اعتبار الزمان على قول اشتراط الإذن.
هذا كشف الغطاء في الفصل.
3541 - ولم نتعرض فيما أجريناه للبيع والقبض فيه، وهذا أوانُ ذكرِه. وقد قطع الأئمة [في] (?) الطرق أنه لا حاجة إلى إذنٍ في القبض في البيع، بل إذا باع مالك الوديعةِ الوديعةَ من الموح، ومضى زمان يحتمل الرجوعَ، فقد استقر العقد، وانتقل الضمان.
وفرّقوا بَيْن البيع، والهبة، والرهن، بأن قالوا: البيع مقتضاه وجوب الإقباض على الجملة، فإذا أورده المالك على يد المشتري فقد أوجب له القبضَ. والقبضُ لا يستحق قط على الراهن والواهب، بل وَضْعُ العقدين على وقوف القبض على اختياره. وهذا يتأكد بحصول الملك للمشتري، فإذا انضم ملكُه إلى دوام يده [و] (?) ورد عليه العقد، تم الأمرُ.
وعلى هذا ظهر خلاف بين الأصحاب في أن الزمان هل يعتبر بعد جريان العقد؟
فمنهم من قال: لا حاجة إلى الزمان مع تأكد الحال في اجتماع الملك واليد. ومنهم من قال: لا بد من اعتبار الزمان، كما ذكرناه في الرهن والهبة.
هذا هو المسلك المشهور للأصحاب.
وذكر الشيخ أبو علي في الشرح وجهاًً أن القبض لا يحصل، ولا يبطل حق البائع في حبس المبيع إذا أثبتنا له حقَّ الحبس، ما لم يأذن في القبض، أو يتوفر عليه الثمن