والترتيب أن عقد السلم إن جرى في مكان لا يصلح للتسليم بأن كان في مفازة، فلا بد من تعيين مكان التسليم.
وإن وقع العقد في مكان يصلح لتسليم المعقود عليه فيه، فهذا موضع التردد.
من أصحابنا من قال: إن كان لحَمْل المسلم فيه مؤنة، وجب تعيين مكان التسليم ذِكراً، فإن لم يذكر، فسد العقد، وإن لم يكن لحمل المسلم فيه مؤنة، ففي المسألة قولان: أحدهما - يجب التعيين؛ فإن الأغراض تختلف باختلاف أماكن التسليم، وليست المؤنة كل الغرض. والثاني - لا يجب، ويحمل مطلق العقد على استحقاق التسليم في مكان العقد.
ولم يصر أحد إلى صحة العقد، وإرسال مكان التسليم، بل إما الفساد وإما تعيين مكان العقد.
وهذه الطريقة في الترتيب هي الصحيحة.
ومن أصحابنا من عكس، وقال: إن لم يكن للحمل مؤنة، لم يعتبر المكان، وتعيّن مكان العقد. وإن كانت، فقولان: أحدهما - الفساد. والثاني - الصحة.
ووجهه أن العرف يَحمل التسليمَ على مكان العقد.
وهذا لا يسلمه القائل الأول.
ومن أصحابنا من طرد القولين فيما فيه مؤنة، وفيما لا مؤنة فيه.
وطرد المحققون أصلاً على هذا في جميع الديون، فقالوا: إذا عجل من عليه الدين المؤجل ما عليه، فامتنع مستحق الدين، فإن كان له غرض من توقي نهب أو غارة، أو فساد يتسرع إلن ما يقتضيه، فله الامتناع. وإن لم يكن له غرض في الامتناع، نُظر: فإن كان للمعجِّل غرضٌ في التعجيل من فك الرهن أو غيره من الأغراض الصحيحة، فظاهر المذهب أن مستحق الدين مجبر على قبضه؛ إذ لا غرض له في الامتناع، وللمعجل غرض [في التعجيل. وإن لم يكن للمعجل] (?) غرض ظاهر ولا للممتنع غرض بيِّن، ففي المسألة قولان.