فصل
قال: " ويكون المسلم فيه مأموناً في مَحِلِّه ... إلى آخره " (?).
3478 - أراد بذلك أنَّ المسلم فيه ينبغي أن يكون بحيث يغلب وجوده في العادة عند المحل المشروط. فلو كان معدوماً عند المحل، فالسلم باطل قولاً واحداً، وهو كما لو جعل محلَّ الرطب الشتاءَ أو الربيع، وكذلك لو كان نادر الوجود بحيث يتعذر تحصيله، وقد لا يصادَف، فلا يصح السلم. وهذا هو المعني بقول الفقهاء: لا يصح السلم فيما يعسر وجوده، ومثّل الأئمة هذا بالسلم في قدرٍ [صالح] (?) من تمرٍ في أول ما يدرك الجنس، وهو إن وجد، فقليلٌ يُتهادى باكورُه (?)، وظهور التعسّر في التحصيل كالعدم، وهو بمثابة ما لو باع عبداً آبقاً وكان ردُّه عسراً، فالبيع باطل، وإن لم يكن مأيوساً.
وهذا فيه فضل نظر.
فإن كان المسلمُ فيه مما يغلب على القلب فقده، ولا يبعد -على ندورٍ- وجودُه، فالسلم باطل. وإن كان مما يغلب على القلب وجوده، ولكن كان لا يتوصل إلى تحصيله إلا بمشقة عظيمة، ينكف بمثلها الطالبون عن الطلب غالباً، فمن أئمتنا من قال: السلم باطل في هذه الصورة؛ لأنه عقد غررٍ، فلا يحتمل معاناة المشاق العظيمة. ومنهم من قال: إنه يصح. ولعله القياس.
والمسلم إليه إذا التزم أمراً وكان التحصيل فيه ممكناً غالباًً، فعليه الوفاء بما التزمه على يسر أو عسر. والشرط عند هذا القائل إمكان التحصيل في الوقت المشروط من غير استئخار فيه.