هذا القائل كعوض البيع؛ فإن الإجارة لا ثبات لها إلى انقضاء مدتها؛ فإن الدار إذا سلمت، لم ينقطع غررُ الإجارة؛ إذ هي عرضةُ الانفساخ إذا تلفت الدار في أثناء المدة، ولو عابت في يد المستأجر، تعرضت الإجارة لخيار الفسخ، فشابهت الإجارةُ السلمَ فيما ذكرناه؛ لكنها تفارقه في أن التسليم في عوضها ليس شرطاً.
ومن أصحابنا من قطع بأن الأجرة في الإجارة على قياس العوض في البيع. والإجارة لا تعد من عقود الغرر، وتقدير التعذر في مقصودها ليس كتقدير التعذر في السلم.
3463 - ولو كان السلم حالاًّ، فمن أئمتنا من قطع بأن رأس المال لو كان جزافاً فيه، جاز، وإنما القولان في السلم المؤجل؛ فإنه المعرض للخطر، والسلم الحال تعامل على ناجز. وهذا اختيار القاضي.
ومن أئمتنا من قال: لا فرق بين السلم الحال والمؤجل في تخريج المسألة على قولين إذا كان رأسُ المال جزافاً.
3464 - ولو كان رأس المال دُرّة لا يصح السلم فيها، فضبطها بالوصف غير ممكنٍ. وإذا انضم إلى ذلك كونها مجهولة القيمة. فهذا من صور القولين إذا كان السلم مؤجلاً، وإن كانت قيمتها معلومة، فيعتبر ضبط وصفها. فإن حَرَصا على ذكر الوصف، فالأصح صحة السلم. فإن قيل: لم يمتنع السلم فيها مع إمكان وصفها؟ قلنا: لعزة وجودها، وقد ذكرنا أن الشرط في المسلم فيه عموم الوجود، ولا معنى لاشتراط هذا في رأس المال.
وقال بعض أصحابنا: كل ما لا يصح السلم فيه لا يصح جعله رأس مالٍ على أحد القولين. ومثل هذا وإن ذكر في الكتب محمول عندي على ما إذا لم يطلع على وصفه أو قيمته، غير أن معظم الناس لا يعتنون بنهايات البيان، وإذا فصل مفصل، كان ظاهر تفصيله مخالفاً لإطلاق الأولين، ولا مخالفة.