وهذا مما يجب الاعتناء فيه بتقريب مأخذ يخرجه عن عماية الإجمال؛ فإن القول في مثله ينتشر. ولا ضبطَ في قول القائل: إن كان بحيث يشق النقل لم يصح السلم، وإن كان بحيث لا يشق النقل يصح.

وقد يقرب في هذا أن يقول: إن جرت العادة بنقل ذلك الجنس إلى ذلك البلد، يجوز (?)؛ فالمسلم فيه مقدور على تسليمه. وإن كان ذلك لا يعتاد، فهو ملتحق بما لا يقدر عليه. ولا اعتبار بما ينقله آحاد الناس للتحف. وإنما الاعتبار بما ينقل لأغراض المعاملة.

وهذا لا بأس به، وإن (?) قيل: المتبع هو الذي يلقى متحمِّلُ النقل مشقةً ظاهرة خارجة عن اعتياد النقل.

وقد أجرى الشافعي في هذا لفظاً، فليتأمله الناظر، فقال: " هو كما لو أسلم في رطب البصرة، وبلد المسلم من بلاد خُراسان ". وهذا سرف في تصوير التعذّر، وهو يحصل بدون هذا.

وبالجملة السلم عقد إرفاق من الجانبين، والمحكَّم فيما ينتشر من أحكامِ المعاملة العرفُ، فكل مشقة لا يبعد في غرض المعاملة أن تحتمل لاستعمال رأس المال، فتلك المشقة لا تقدح في صحة السَّلم، وكل مشقة لا تحتمل في أغراض التعامل، فلا يبتنى جواز العقد عليها. وليس للفقيه أن يصور غرضنا وراء المعاملة، مثل أن يتفق تضييق وإرهاق في مصادرة وحاجةٍ حاقة في الرضا بمقاساة الكُلف للتجارة من الضرورة الناجزة. فلا اعتبار بأمثال هذه الأحوال.

ويمكن أن يقال: سبيل الضبط أو القرب منه أنّ النقل إذا كان يُلحق المنقولَ بما لا يعم إمكان الوصول إليه، فهو من المتعذر الذي لا يجوز السلم فيه.

وهذه العبارات تُشير إلى تقريب واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015