ولم أر أحداً من الأصحاب يخرجُ الإقالةَ قبل قبض المبيع على أن الإقالة فسخ أو بيع. حتى إن قلنا: إنها فسخ، نفذت. وإن قلنا: إنها بيع خرجت على الخلاف في أن بيع المبيع من البائع قبل القبض هل يجوز.
وكذلك لم يردد أحد من أصحابنا القولَ في الإقالة في السلم، بل أطلقوا جوازها. وإن كان يمتنع بيع المسلم فيه قبل القبض.
وكان شيخي يقول: الإقالة بعد القبض على القولين، والإقالة قبل القبض تنفذ.
فإن جوزنا بيع المبيع من البائع قبل القبض، [خرجت المسألة على قولين في أن الاقالة فسخ أو بيع، وإن قلنا: لا يصح بيع المبيع من البائع قبل القبض] (?)، فالإقالة نافذة، وهي فسخ قولاً واحداً.
وذكر شيخي في كتاب الخلع في أثناء كلامه فصلاً به تظهر حقيقةُ الإقالة، وهو أنه قال: اختلف أصحابنا في أن البيع هل يقبل الفسخ بالتراضي؟ فمنهم من قال بقطع القول بقبوله الفسخ بالتراضي. والقولان في لفظ الإقالة.
ومنهم من قال: كل ما فرض على التراخي سواء كان بلفظ الفسخ، أو بلفظ الإقالة، فهو خارج على القولين، ولا نظر إلى الألفاظ، فالفسخ لفظٌ ألفه الفقهاء، ومعناه ردَّ شيء واسترداد مقابله. فإن تعلّق متعلّق بلفظ الفسخ، فالإقالة من طريق اللسان صريحة في رفع ما تقدَّم، ورد الأمر إلى ما كان عليه قبل العقد.
فرجع حاصل القول إلى أن من أصحابنا من جعل الخلاف في تصور الفسخ بالتراضي من غير سبب يوجبه.
ثم هؤلاء يقولون: يتصور الفسخ بالتراضي قبل القبض؛ لأن العقد لم يُفض إلى نقل الضمان، فإذاً هو متصور قبل القبض. وفي تصويره بعد القبض الخلاف.
ومن أصحابنا من قطع بتصوّر الفسخ، ورد الخلاف إلى الإقالة ومعناها، ثم هؤلاء قالوا: هي محمولة قبل القبض على الفسخ، والخلافُ في عملها بعد القبض.