فمن أحرز ماء في إداوة وسقايةٍ، فقد ملكه، ويجوز بيعه على شط الدجلة، بما يقع من التراضي عليه.
فأما إذا حفر بئراً أو قناةً، فاجتمع فيها ماء، فهل يملك ذلك الماء؟
هذا يستدعي أولاً تفصيلَ المذهب في أن الآبار كيف تملك، وهذا مما يأتي استقصاؤه في إحياء الموات، والقدر الذي تمس الحاجة إليه الآن أن من حفر بئراً في مواتٍ وقصد باحتفارها تملّكَها، فإذا ظهر مقصودُه، مَلَكَها، ومقصودهُ ظهور الماء، فكما (?) ظهر، مَلَك، ولا يتوقف الملك على أن يطويَ (?) البئر ويعمرَها. هذا ظاهرُ المذهب.
وقيل: ظهور الماء يجعل حافرَ البئر كالمتحجر، وهذا يأتي في الإحياء.
ولو كان يحتفر نهراً إلى نهر عظيم كالفرات، وقصده أخذ شيءٍ من ماء الفرات في نهرهِ، فإذا قصد باحتفار النهر تملكها، وانتهت فوهة النهر إلى النهر الكبير، وجرى فيه الماء، فهذا في ملك النهر نظير إنباط الماء في البئر. هذا إذا قصد التملك.
فأما إذا قصد احتفار البئر ليستقي ماءها لا أن يتملكها. فيكون أولى بماء البئر، فإذا تعداها وجاوزها، فالبئر بمائها مباح.
فإذا بان ذلك، فلو لم [يملك] (?) البئر، ولم يقصد تملكها، فالماء المجتمع فيها لا يكون مملوكاً باتفاق الأصحاب.
هكذا قال الشيخ.
فأمّا إذا ملك البئر، أو كان في ملكهِ الخالص بئرٌ كَدَارِه، فالماء المجتمع في تلك البئر هل يكون ملكاً على الحقيقة لمالك البئر؛ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - وهو اختيار أبي إسحاق أنه لا يملكه، وينزل الماء الحاصِل في ملكه منزلةَ ما لو عشش طائر في ملكه؛ فإنه لا يملكه. وقال ابن أبي هريرة: الماء ملك لصاحب البئر على