والقول الثاني - أن إقراره مقبول؛ فإن التهمة منتفية، ونفس العقوبة تبطل المالية، ولكن قُبل الإقرارُ بها لانتفاء التهمة. وهذا المعنى متحقق فيما ذكرناه. ولا استقلال للسرقة دون مال مسروق، ويستحيل ألا يثبت القول في المسروق ويثبت في السرقة المطلقة.

هذا إذا أقر بإتلاف المسروق، وتضمن إقراره تعلّقَ مبلغٍ برقبته.

فأما إذا أضاف سرقته إلى عينٍ قائمة، نظر: فإن كانت العين التي اعترف بسرقتها في يد مولاه، فإقراره مردود فيها. اتفق الأصحاب عليه؛ والسبب فيه أن ما نصادفه في يد السيد مُقرٌّ على حكم ملكه، فيبعد الحكم على ملكه بإقرار العبد، ولو (?) قدّرنا قبول هذا الإقرار أَوْشَك أن يستغرق العبد جميع ذخائر سيده، وهذا الآن تظهرُ التهمةُ فيه؛ فإن العبد الحنِق على سيده، قد يستهين بقطع يده، في مقابلة تخسير السيد أموالاً لا تنضبط، وليس هذا كما لو ادّعى تلف المسروق؛ فإن غاية ما يتعلّق بالسيد قدرُ قيمةِ الرقبة؛ فإن أروش الإتلافات لا تعدو الرقبة إلى سائر أموال السيد.

ولو أقر العبد بسرقة مال في يد أجنبي، فإقراره مردودٌ في حق ذلك الأجنبي، إذا أضاف إقراره إلى عينٍ قائمة في يده، فإذا رُدّ في حق الأجنبي، فليرد في حق السيد.

وقيل: إنّ أبا حنيفة (?) نَفَّذَ إقراره في الأعيان القائمة في يد السيد. وهذا خبالٌ عظيم.

ولو أقر العبد بسرقة عين وكانت العين في يد العبد، اختلف أصحابنا فيه على طريقين: فمنهم من خرّج قبولَ إقراره فيها على القولين، ومنهم من قطع القولَ بردِّ إقراره في العين الكائنة في يده. وهذا هو الظاهر؛ من جهة أن يده يدُ السيد، ولا استقلال له. ثم ما يتصوّر احتواء يده عليه في محل الإقرار لا ينضبط، كما تقدم وليس كالإقرار بالإتلاف؛ فإن غائلته تنحصر في مقدار قيمة الرقبة، كما تقدم.

وبنى بعضُ الفقهاء القولين في قبول إقراره بالمال عند ذكر الإتلاف على قولين في الحر لو أقر بسرقة مال، وقُبل إقراره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015