يقرب ادّعاءُ الوفاق فيه، فما زال الناس يبيعون المكسرة بالصحاح. والمكسرةُ لو قسمت، لكان فيها قِطع كبار وصغار، والقيمةُ تتفاوت في ذلك تفاوتاً ظاهراً. ثم لم يشترط أحدٌ تساوي صفة القطاع، فقد خرجت هذه المسائل على ما ذكرته أولاً، فمن رَاعى التوزيعَ، أفسدَ البيع، ومن تعلق بما ذكرناه، حكم بالصحة، لتحقق تماثل الجملتين.

2960 - والذي يحيك في الصدر نصُّ (?) الشافعي؛ فإنه قال: "لو راطل مائةَ دينار عُتُق، ومائة مروانيَّة بمائتي دينار وسط، فالبيع باطل" وقد اتحد الجنس في شقّي العقد، وقياسي يقتضي القطعَ بصحة العقد، ولم أر أحداً من الأئمة يشير إلى خلافٍ في صورة النص. واللفظ الذي ذكرته لصاحب التقريب (?) في توجيه الصحةِ إذا باع خمسةً مكسرةً وخمسة صحاحاً بعشرة صحاح، حيث قال: "صاحب العشرة الصحاح مسامحٌ بالصّفة". فيه احتراز من صُورة النص؛ فإن الشافعيَّ فرض مسألتَه في العُتُق وهي نفيسة، والمَرْوانيَّة وهي دونها، ثمَّ فرضَ من الجانب الثاني مائتي دينارٍ وسطاً حتى لا تتحقق معنَى المسامَحةِ، وإذا لم يتحقق ذلك، اقتضى العقدُ من الشقين طلب المغابنة، وهذا يقتضي التوزيعَ، وهو يُفضي إلى التفاضل لا محالةَ، لو ثبت التوزيع.

فهذا حكم المذهب تَلقِّياً من النصِ، وتصرُّف الأئمة.

وما ذكرتُه في هذه الصورة من التصحيح رأيٌ رأيتُه وهو خارج عن مذهب الشافعي وأصحابهِ.

ومما لا يخفى دركه أنه لو باع عشرةً مكسّرة بعشرة صحاحٍ، فالبيع صحيح؛ إذ لم يتحقق اختلاف جنس، ولا اختلافُ نوعٍ في واحد من الشقين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015