فإن حكمنا بأن الخيار يثبت لهما، فلو صرَّحا بنفي الخيارِ عن أنفسِهما، وخَصَّصا الخيارَ بالثالث، فَفي صحة هذا الشرط وجهان: أحدهما - يصح اتباعاً للشرط.
والثاني - لا يصح. وحقيقةُ الوجهين ترجع إلى أن من حكم بثبوت الخيار للعاقدين فهو بماذا؟ فكان من أصحابنا من يقول: سبب ثبوت الخيار لهما أن شرطَهما الخيارَ لثالث يقتضي من حيث اللفظ أن يثبت لهُما. فمن قال ذلك بنى عليه أنهما لو صرَّحا بالنفي عن أنفسهما، انتفى عنهما. ومن أصحابنا من قالَ: سبب ثبوت الخيار للمتعاقدَيْن استحالةُ ثبوته لمن ليس عاقداً، إلا على طريق النيابة، فعلى هذا الجمع بين إثبات الخيار للغَيرِ ونفيه عن المتعاقدين فاسدٌ.
ولا خلاف أنهما لو شَرَطا الخيارَ لأحدِ المتعاقِدَين ثبتَ له مختصّاً به، وانتفى عن الثاني.
قال صاحب التلخيص: لو كان المبيع عبداً، فشرط المتعاقدانِ الخيارَ له، ففوَّضا إليه الفسخَ والإجازة، جاز. وكان تفويضُ الخيار إليه بمثابة تفويضه إلى أجنبي، وقد ساعده الأصحاب على ما قالَ.
فرع:
2909 - إذا وكل رجل وكيلاً في بيع، وأذنَ له في اشتراطِ الخيار، فاشترَط على حسب أمره، ثبت الخيار له، واختلفَ أئمتنا في أن الخيارَ الثابتَ لمن؟ فمنهم من قالَ: هو للموكِّل، كما أن الملك في العوض له، والخيار من حقوق الملك والعقد. والوجه الثاني - أن الخيار للوكيل؛ فإنه المتعاطي للعقد، والوجه الثالث - أن الخيار ثابتٌ لهما جميعاً، فيثبت للوكيل لتوليه العقد، ويثبت للموكِّل لأن مقصود العقد إليه يئول.
وإذا شرط المتعاقدان الخيارَ لثالث، فلا يجري فيه إلا وجهان، كما تقدمَ ذكرُهما، ولا يخرج فيه أن الخيار لهما، ولا خيار للثالث. وقد ذكرنا وجهاً أن الخيار للموكّل ولا خيار للوكيل، ثم إذا أثبتنا الخيار للموكل وحده، أو للوكيل والموكل جميعاً، فإنما ذاك في خيار الشرط، فأمّا خيارُ المجلس، فإنه يتعلق بالوكيل، وينتهي بمفارقته المجلس. ويجب القطع بأنه لا ينفذ فسخُ الموكِّل وإجازتُه؛ فإنه لا تعلق له بالمجلس. وخيار المجلس إنما يثبت لمن يتعلق به المجلس، وينقطع بفراقِه. وهذا