ثبوتَه، اعترض احتمال آخر في أن أحدهما إذا فارق مكانَه، وبطل خيارُه، هل يبطل خيار صاحبه أم يبقى خيار صاحبه إلى أن يفارق هو أيضاً مكانه؟ فيكون خيار كل واحد منهما منقطعاً عن خيار الثاني. هذا فيه تردد.

فإن قيل: إذا تعاقدا والمجلس جامع، ثم صابرا حتى بُني بينهما جدار حائل، فهل يصيران في حكم المتفرقين؟ قلنا: إن بنى أحدُهما الجدارَ، فالظاهر أن هذا بمثابة مفارقته، وإن بنى غيرُهما، اتصل القول بأن أحد المتبايعين لو حُمل وأُخرج من المجلس، هل ينقطع الخيار؟ وفيه فصل يأتي إن شاء الله تعالى.

ومن لطيف القول في هذا الفصل، أن المتبايعين لو كانا بقربِ الباب، فخرج أحدهما، فهو مفارق، وإن قربت المسافة. ولو كانا في مكانٍ ضاحٍ، فلا بُد من اعتبار بُعدٍ، كما سبق بيانه، فلو كانا في مكان بارز كما ذكرنا، ففارق أحدهما بعد العقد وبَعُد على الحدّ المذكور، فانتصب (1 واتبعه الآخَر، لم ينفعه ذلك بعد وقوع الفراق. ولو كانا في بيتٍ قريبين من بابه، ففرّ أحدُهما وفارق العتبة 1)، فاتبعه الثاني على الفور، فالظاهر عندي في هذه الصورة أن البيع على جوازه؛ فإن مثل هذا لا يُعد تفرقاً في العرف.

فهذا مقدار غرضنا في البعد المُنهي للمجلس.

فصل

2887 - إذا مات أحد المتعاقدين في مجلس العقد، فالمنصوص للشافعي أنه لا ينقطع الخيار بموته، بل يقوم وارثه مقامه.

وقال في المكاتَب: إذا باع شيئاً أو اشتراه، ثم مات في مجلس العقد، وجب العقد، فأشعر قولُه "وجب" بانقطاع الخيار.

واختلف الأئمة: فمنهم من قال: في انقطاع خيار المجلس بالموت قولان، سواء فُرض العاقد مكاتَباً أو حُرّاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015