فيه تفويتٌ لحق واحدٍ منهما؛ فإنه إذا هم أحدهما بالمفارقة، تمكن الثاني (?) من مساوقته، واستمكن من مبادرة الفسخ.
قال شيخي: لو قالا: أبطلنا الخيار، أو قالا: أفسدناه، ففيه وجهان: أحدهما - لا يبطل الخيار؛ فإن الإبطال يُشعر بمناقضة الصحة، ومنافاة الشرع، وليس كالإجازة؛ فإنها تصرفٌ في الخيار، وهذا ضعيف جداً، ولكن رمز إليه شيخي، وذكره الصيدلاني.
2885 - فأما ما لا يكون قولاً، وهو رافعٌ للخيار، فالأصل في ذلك الافتراق، فإذا تفرق المتعاقدان، زال خيارُ المجلس، وإذا لزم أحدهما المجلس، ففارقه الثاني، انقطع الخيارُ؛ فإن هذا إذا جرى عُد افتراقاً، والشارع اعتبر الافتراق، وليس من شرطه، أن يأخذ أحدُهما جهةً، ويأخذ الآخر جهة أخرى، ولو تساوقَ المتبايعان، وزايلا مكان العقد، ولم يتفرقا، فالبيع جائز، والخيار قائم، وإن تماشيا أياماً منازل (?)، فالمعتمد في قطع الخيار افتراقُهما.
ثم الرجوع في الافتراق إلى العرف، فليس في ذلك توقيفٌ شرعي، ولا ضبط معنوي؛ فإن جمعهما بيتٌ مقتصدٌ، فالمفارقة بخروج أحدهما من البيت، وإن كانا في عَرْصةٍ ضاحية (?)، فإذا فارق أحدهما، ومشى خطوات، وبَعُد بُعداً، يُعدّ ذلك مفارقةً، انقطع خيارُ المجلس. ولو تبايعا قريبين من باب بيت، فتعدى أحدهما البابَ، وخرج، فالظاهر عندي أن ذلك مفارقة، وإن خطا خطوتين مثلاً. وإذا تبايعا في صدر بيتٍ مقتصد، فالمفارقةُ بالخروج من الباب.
هذا حكم الجريان على العرف.
ويخرج من ذلك أن البعد يختلف باختلاف المجالس، فإن جمعهما بيتٌ، فالتعويل على الخروج منه، وإن لم يجمعهما بيت، فيراعى فيه بُعدٌ يُعدّ فراقاً، ويمكن