يصحَّ العقدُ بسببه، كما سبق في التفريع على القول الأول؟ وذكروا استقصاء الصفات على تجويز بيع الغائب في معرضٍ آخر. فقالوا: إذا وصف المبيع على الاستقصاء ثم وفت الصفات، فهل يثبت خيار الرؤية أم لا؟ فعلى وجهين. وتوجيههما واضح.
فأما (1 اشتراط استيفاء الصفات في تصحيح العقد على قول تجويز بيع الغائب فمما انفرد به العراقيون. ثم قياس طريقهم عندي، أن من 1) اشترط استقصاءَ الصفات -على قول تجويز بيع الغائب- فإذا وفت، ثبت خيارُ الرؤية وجهاً واحداً، فإن هذا القائل لا يصحح بيعَ الغائب إلا عند استقصاء الصفات، وخيار الرؤية لا سبيل إلى نفيه أصلاً، ولو خُص الخيار بالخُلف، لكان خيار الخلف. ومما نفرعه على تجويز بيع الغائب خيار الرؤية.
فصل
2872 - خيارُ المجلس يثبت في البياعات، كما سيأتي، فالوجه أن نذكر حكمَ خيار المجلس في بيع الغائب أولاً، ثم نبني عليه خيارَ الرؤية، فنقول: اختلف الأئمةُ في خيار المجلس في بيع الغائب، فمنهم من قال: يثبت خيار المجلس للمتعاقدين، كما يثبت في كل بيع، ووجهه ظاهر.
ومنهم من قال: لا يثبت لهما خيار المجلس متصلاً بالعقد؛ فإنَّ خيار الرؤية خيارٌ شرعي لا يختص ثبوته بغرض، فهو في معنى خيار المجلس، فيبعد اجتماع خيارين من جنسٍ واحدٍ، وهذا الوجه بعيدٌ؛ فإنّ نفي خيار المجلس في حق البائع لا وجه له؛ إذ ليس في حقه خيار الرؤية، وكل ما نذكره فيما رآه البائع دون المشتري.
ومنهم من قال: يثبت خيارُ المجلس للبائع عقيب العقد على الاتصال، ولا يثبت للمشتري خيارُ المجلس، لمكان ثبوت خيار الرؤية له، وهذا أمثل من الثاني.
والصحيح هو الأول. فهذا هو القول في خيار المجلس. وفيه بقية سنذكرها.