2856 - ونحن نذكر تفصيل المذهب في العبد. ثم ننعطف على ذكر الزوجة.
فأما العبد إذا أحرم بغير إذن مولاه، فللسيد أن يمنعه من المضي في إحرامه وفاقاً، وأطلق أئمتنا تحليلَ السيد إياه، وهو مَجَازٌ بلا خلاف فيه؛ فإن التحلل لا يحصل إلاّ من جهة العبد، ولو أراد السيد تحصيله، دون العبد لم يجد إليه سبيلاً عندنا. وقال أبو حنيفة (?): يقع التحليل بفعل من السيد: فإن أحرمت أمةٌ، وطئها السيد قاصداً تحليلها، فينحلّ الإحرام. وإن أحرم عبدٌ، طيَّبَه، أو حلق شعره، أو ألبسه مَخيطاً على قصد التحلل. وهذا سهوٌ عظيم.
واتفق الأئمة على أن التحلل يقع من جهة العبد، وليس للسيد إلا منعُه من المضي، واستخدامُه في الجهات التي كان يستخدمه فيها.
ثم إن أراد العبد التحلّلَ، وهو ممنوع من المضي بمولاه، تفرّع الأمر على تحلل الحرّ، فإن قلنا: إنه يتحلل من غير إراقةٍ، فالعبد بذلك أولى. وإن قلنا: لا يتحلل الحر إلا بإراقة الدم، وإن لم يجد الدم صابرَ إحرامَه إلى أن يجد، ففا حكم العبد؟.
اختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من قطع بأن العبد يتحلل من غير دم، وليقع هذا التفريع على أن دم الإحصار لا بدل له، والعبد لا يملك، وإن ملك، فبهذا التصوير يظهر غرضُنا في تحقيق العسر.
وعنده (?) اختلف الطرق، فالذي قطع به الصيدلاني أنه يتحلل، ولا يصابر الإحرامَ؛ فإن وجدان الدم في حقه يتوقف على العتق، وليس هذا أمراً ينتظر (?)، ويربط الترتيب فيه، فيؤدي إلى عسرٍ لا يحتمل مثله في الشرع.
ومن أصحابنا من قال: يخرّج الأمر فيه على القولين المذكورين في الحر المعسر: فإن قلنا: إنه يصابر إحرامَه، صابر العبد إحرامَه، غيرَ أن المعسرَ ينتظر الغنى، والعبد ينتظر العتقَ. والأصح الطريقةُ الأولى.