وأصل [الفصل] (?) أن من أفطر عاصياً عامداً، فالشرع يُلزمه الإمساكَ عن المفطرات في بقية النهار. وهذا يختص بأيام رمضان، فليس على العاصي بالفطر في صوم القضاء، والنذر إمساكٌ. ثم الأمر (?) بالإمساك مشبه بالتغليظ، وطرفٌ من العقوبة، ومضادّةُ القصد، ثم الممسك متشبه، وليس في عبادة، وليس كالمحرم إذا أفسد إحرامه؛ فإنه بعد الفساد في عبادةٍ فاسدة. ويظهر أثر ذلك بأن المفسد للإحرام لو ارتكب محظوراً في إحرامه بعد الفساد، التزم الفدية، والمأمور بالإمساك لا يلتزم بالإقدام على المفطر شيئاً، وإنما يناله المأثم بتركه الأمرَ الجازم، وارتكابه النهي (?) المحرم.
وقد ذكر العراقيون وجهين في أن الإمساك المأمور به بعد الإفساد هل يسمى صوماً؟ ولست أرى في الاختلاف فائدة.
ويقرب من ذلك أن من أصبح في يومٍ من رمضانَ غيرَ ناوٍ، فلا نجعله صائماً، ويلزمه الإمساك، فلو نوى التطوع بالصوم، وكان ذلك قبل الزوال، فالذي ذهب إليه الجماهير أن الصومَ لا يصح، وذهب أبو إسحاق إلى صحة الصوم، ووجه الرد عليه ينقسم: فيجوز أن يقال: إن كان الإمساك واجب، ومن نعت التطوع التخير، فلو صح تطوّعه بالصوم، والصوم إمساك منوي، لوقع الإمساك واجباً عن جهة الوجوب، متطوَّعاً به عن جهة التطوع، وهذا متناقض.
فهذا وجه.
والمسافر عندنا لا يتطوع بالصوم في سفره، وإن كان يسوغ له الإفطار، فليس الصوم مستحَقاً عليه، والتطوع ممتنع، [وسببه أن الذي] (?) حط عنه وجوبَ الصوم الترخيصُ بالفطر، فإن لم يُفطر، فقد (?) ترك الترخص، وليس بين إقامة (?) الصوم