وهذا يتعلق بمسألة في الأصول، لا ينتظم ذكرها هاهنا.
2288 - ولو طلع الفجرُ فاستدام، ولم ينزع، فلا شك في فساد الصوم، وأوجب الشافعيُّ الكفارة.
واختلف الأئمةُ في أنا نحكم بانعقاد الصوم، ثم نحكم بعده بالإفساد، أم نحكم بأن الصوم لم ينعقد.
فالذي ذهب إليه معظم الأئمة في المذهب أن الصوم لم ينعقد، وسبب وجوب الكفارة منعُ عقد الصوم بالجماع، والمنع في معنى القطع.
وذهب شرذمة إلى أنا نحكم بالانعقاد، ثم نقضي بالفساد. والذي تخيله هؤلاء أنه لو نزع، لانعقد صومه، فنفرض الانعقاد في مثل زمان ابتداء النزع، ثم نحكم بالفساد. وهذا خيالٌ؛ فإن النزع، لم ينافِ الصومَ، من جهة قصد الترك، فإذا لم يكن قصدٌ في الترك، وجملة الأحوال جاريةٌ على قصد إيقاع الوقاع وإدامته، فتقديرُ موجَب قصد الترك، مع عدمه، محالٌ.
ولو خالط الرجل أهله، ثم لبّى، وأحرم، وقرن تلبيته بالنزع، كما سبق تصويره في الصوم، ففي انعقاد الحج على الصحة وجهان: أحدهما - الصحة، قياساً على الصوم. والثاني - لا ينعقد الحج صحيحاً؛ من جهة أنه كان قادراً على أن ينكف عن التمام، ثم يبتدئ الإحرام، فلا يثبت له التخفيف المنوط بقصد الترك، وليس كذلك الصائم؛ فإنه في ابتداء مخالطته معذور، ولما ابتدأ الانكفافَ، كان معذوراً في انكفافه، مأموراً به، فعُذر، وإن كان على صورة المخالطين إلى تمام النزع.
وكل ما ذكرناه مفروضٌ فيه إذا جامع، وكان يُطالع الفجرَ، فجرى الأمرُ على بصيرةٍ منه، نزعاً وإدامة.
2289 - ثم وراء ذلك نظرٌ [للفطن] (?)، فإن أول الفجر ما أراه مدركاً بالحس، وإذا لاح للمراقب، فالطلوع الحقيقي متقدِّمٌ عليه.