تاريخ السبت، وأكملوا العدة، فإن قلنا: لكل بقعة حكمُها، فيجب على هذا المسافر المنتقل أن يتابع أهلَ هذه البقعة، ويصومَ أحداً وثلاثين يوماً؛ فإنه صار من أهل هذه البقعة في آخر الشهر. ولا يخفى على الفقيه أن الحكم لا يختلف في ذلك بقصد الإقامة والسفر.

وإن قلنا: حكم الهلال إذا ثبت في موضعٍ عم جميعَ البلاد، فأهل البلدة الثانية متعبدون بحكم ذلك الهلال، إن ثبت عندهم. فإن قيل: [التفريع على هذا الوجه الأخير متجهٌ، لا شك فيه، والتفريع على الأول] (?) [هل يتطرق] (?) إليه احتمال؛ من جهة أنه التزم حكمَ البقعة الأولى، فينبغي أن يستمر ذلك الحكمُ عليه. قلنا: الاحتمال قائم، ولكن ما ذكرناه في التفريع قطع به الأصحاب، لأثرٍ وَرَدَ، اتخذوه متبوعَهم، وهو ما روي أن كُرَيْباً (?) مولى ابن عباس، قال: " بعثتني أم الفضل بنتُ الحارث إلى الشام في حاجة عرضت لها عند معاوية، فرأى الناسُ الهلالَ ليلةَ الجمعة، فصاموا، وصمتُ، فرجعت إلى المدينة، فسألني ابنُ عباس متى رأيت الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أما نحن فرأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم، حتى نرى الهلال، أو نستكمل العدة ثلاثين، فقلت: أوما يكفيك رؤية أمير المؤمنين والناس؟ قال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره ابنُ عباس أن لا يفطر، ويقتدي بأهل المدينة " (?). هكذا وجدته في بعض التصانيف، فهذا ما بلغنا في ذلك. والمذهب نقلٌ.

وقال شيخي أبو محمد: من رأى هلال شوال، وأصبح معيّداً، وجرت به السفينة، فانتهى إلى بلدة على حدّ البعد، وما كانوا رأَوْا الهلالَ، وصادفهم صائمين، يلزمه أن يمسك عن المفطرات، إذا أثبتنا لكل بقعة حكمَها، وهذا فيه نظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015